ومنهم من قال: له إجباره قولا واحدا، لأن للصغر والجنون تأثيرا في الإجبار على النكاح، بدليل: أنه يجبر ابنه الصغير والمجنون على النكاح، ولا يجبر العاقل البالغ.
[فرع طلب العبد النكاح]
وإن طلب العبد من سيده أن يأذن له في النكاح، فإن أذن له أن يتزوج ممن شاء، أو أذن له مطلقا.. كان له أن يتزوج ممن شاء، حرة كانت أو أمة.
وإن تزوج من بلد غير بلد السيد.. صح النكاح، ولكن للسيد أن يمنعه من الخروج إليها، لأن له أن يمنعه من السفر.
وإن أذن له أن يتزوج امرأة بعينها، حرة أو أمة فتزوج غيرها، أو أذن له أن يتزوج أمة فتزوج حرة، أو أذن له أن يتزوج حرة فتزوج أمة.. لم يصح، لأنه خالف الإذن.
فإن أذن له أن يتزوج من بلد فتزوج من بلد غيرها.. لم يصح، لما ذكرناه.
قال الصيمري: فإن كان للمرأة عبد فسألها التزويج، فأذنت له أن يتزوج وهو بالغ عاقل.. جاز، لأنه بالغ عاقل، وقد رفعت الحجر عنه بالإذن. فإن كان مجنونا أو صغيرا.. جاز أن تأذن لوليها أن يعقد له التزويج.
وإن امتنع السيد من الإذن له.. فهل يجبر؟ فيه قولان:
أحدهما: يجبر - وبه قال أحمد رحمة الله عليه- لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}[النور: ٣٢][النور: ٣٢] ، وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب.. ولأنه مكلف دعا إلى إنكاحه لحاجته إليه، فأجبر وليه على إنكاحه، كالمحجور عليه للسفه إذا طلب النكاح.
والثاني: لا يجبر السيد- وبه قال مالك وأبو حنيفة رحمة الله عليهما- وهو الأصح، لأنه شخص يملك رقه، فلم يجبر على إنكاحه، كالأمة، والآية: المراد بها الندب. ويخالف السفيه، فإن المنع من إنكاحه، لحظه، فإذا كان محتاجا إلى النكاح.. فالحظ له في التزويج، والمنع من تزويج العبد لحظ السيد، فلو أجبرناه