وإن قتل المرتد ذمياً.. فهل يجب عليه القود؟ فيه قولان:
أحدهما: يجب عليه القود - وهو اختيار الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، والمزني - لأنهما كافران، فجرى القصاص بينهما، كالذميين، ولأن الذمي أحسن حالاً من المرتد؛ لأنه مقر على دينه، والمرتد غير مقر على دينه.
فعلى هذا: يجب عليه القصاص، سواء رجع إلى الإسلام أو لم يرجع؛ لأن القصاص قد وجب عليه حال الجناية، فلم يسقط بالإسلام، كالذمي إذا جرح الذمي، ثم أسلم الجارح، ثم مات.
والثاني: لا يجب عليه القصاص؛ لأنه شخص تجب في ماله الزكاة، فلم يقتل بالذمي، كالمسلم.
فعلى هذا: تجب عليه الدية، فإن رجع إلى الإسلام.. تعلقت الدية بذمته، وإن مات أو قتل على الردة.. تعلقت بماله.
وإن جرح المسلم ذمياً، ثم ارتد الجارح، ثم مات المرجوح.. لم يجب القصاص، قولاً واحداً؛ لأنه حالة الجرح لم يكن مكافئاً له.
وإن قتل الذمي مرتداً.. فهل يجب عليه القود؟
قال الخراسانيون من أصحابنا: يبنى على القولين في المرتد إذا قتل الذمي.
فإن قلنا هناك: يجب القود.. لم يجب القود على الذمي؛ لأنه قتل مباح الدم.
وإن قلنا هناك: لا يجب القود.. وجب هاهنا القود.
وقال البغداديون من أصحابنا: فيه ثلاثة أوجه:
أحدها - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة -: أنه يجب عليه القود، فإن عفا عنه، أو كانت الجناية خطأ.. وجبت فيه الدية؛ لأن قتله بالردة للمسلمين، فإذا قتله غيرهم.. وجب عليه الضمان، كما لو قتل رجل رجلاً، ثم قتله غير ولي الدم.