وقال أبو حنيفة:(إذا تحمل الشهادة وهو بصير ثم عمي.. بطلت شهادته، سواء كان يعرف المشهود عليه بعينه أو باسمه أو نسبه) .
دليلنا: أن البصر معنى لا يزول التكليف بزواله، فلم يمنع زواله من أداء الشهادة على من يعرفه باسمه ونسبه، كحاسة السمع.
وأما شهادة الأعمى على المضبوط وهو: أن يشهد رجل بصير على رجل لا يعرفه إلا بعينه بفعل أو قول، وأمسكه الشاهد بيده، ثم عمي الشاهد وجاء به إلى الحاكم، فشهد عليه بما فعل أو سمع، أو وضع رجل فاه على أذن الأعمى فأقر لرجل بشيء معروف، أو طلق امرأته، أو وضع الأعمى يده على رأسه وضبطه إلى أن أتى به إلى الحاكم فشهد عليه بما سمع منه.. فتقبل شهادته في ذلك ويحكم بها.
حكى المسعودي [في " الإبانة "] في ذلك وجها آخر: أن شهادته في ذلك لا تقبل، وبه قال أبو حنيفة. والمنصوص هو الأول؛ لأنه شهد بذلك على علم.
وتقبل شهادة الأعمى في الترجمة؛ لأنه يعبر بما سمعه عند الحاكم.
وإن شهد البصير بشهادة عند الحاكم، فقبل أن يحكم بها الحاكم عمي الشاهد.. لم تبطل شهادته. وقال أبو حنيفة:(تبطل) .
دليلنا: أن ذهاب بصره لا يورث شبهة في شهادته، فلم تبطل شهادته، كما لو ذهب سمعه.
[مسألة كيفية أداء الشهادة في النكاح والرضاع]
] : قد مضى الكلام في تحمل الشهادة، وأما الكلام في أدائها.. فينظر في الشاهد: فإن شهد في النكاح.. فلا بد أن يقول: أشهد أنه نكحها من ولي مرشد بلفظ الإنكاح أو التزويج، وقبل الزوج على الفور؛ لأن الناس يختلفون فيما ينعقد به النكاح، والنظر في ذلك إلى الحاكم.