وأما ابن الصباغ فقال: إذا حلف: لا يلبس ثوبا، فلبس ثوبا كما يلبس في العادة أو بخلاف العادة.. حنث؛ لأنه لبسه.
[مسألة: حلف لا يستعمل ما من به عليه]
وإن حلف: لا يلبس ثوب رجل من به عليه، فوهبه له، أو باعه منه ولبسه، أو من عليه بما يطعمه ويسقيه، فقال: والله لا شربت له ماء من عطش، فأكل له خبزا، أو لبس له ثوبا، أو شرب له ماء من غير عطش، أو منت عليه زوجته بالغزل، فقال: والله لا لبست ثوبا من غزلك، فباع غزلها، واشترى بثمنه ثوبا، فلبسه.. فإنه لا يحنث بجميع ذلك وإن كان قصد بيمينه قطع منته، وبه قال أبو حنيفة.
وقال مالك، وأحمد:(إذا قصد قطع منته في يمينه بذلك كله.. لا يجوز له أن يأكل له خبزا، ولا يلبس له ثوبا، ولا ينتفع بشيء من ماله، فإن فعل شيئا من ذلك.. حنث في يمينه) .
دليلنا: أن يمين الحالف لا تنعقد إلا على لفظه، ولا يراعى فيها المعنى، وإنما يراعى فيها لفظه، وما فعله لم يلفظ به، فلم يحنث به وإن كان معناه موجودا في معنى لفظه، فلم يحنث به، كما لو حلف: لا يتزوج، فتسرى، أو كما لو حلف: لا كلمت فلانا عدوي.. فإن يمينه لا تنعقد على غيره من أعدائه.
[مسألة: حلف لا يضرب فضرب خفيفا]
وإن حلف: لا يضرب امرأته، فضربها ضربا غير مؤلم.. حنث؛ لأنه يقع عليه اسم الضرب، وإن عضها، أو نتف شعرها، أو خنقها.. لم يحنث.
وقال أحمد وأبو حنيفة:(يحنث) .
دليلنا: أن ذلك لا يسمى ضربا، فلا يحنث به في اليمين على الضرب.
وإن لكمها، أو لطمها، أو رفسها.. ففيه وجهان، حكاهما الشيخ أبو إسحاق: