مشكوكاً فيه حال القذف، وذلك شبهة، فيسقط به الحد عن القاذف.
وأمَّا استدلالهما بردة المقذوف قبل إقامة الحد.. فإن فيها وجهين:
أحدهما: يسقط إحصانه، كالزنا
والثاني: لا يسقط إحصانه.
والفرق بينها وبين الزِّنَى: أن الردة طريقها الديانات، ولم تجر العادة أن الإنسان يخفي دينه بل يظهره، ولهذا يبذل أهل الكتاب الجزية لإظهار دينهم، فلم تكن ردته قادحة في إسلامه المتقدم قبل القذف، وليس كذلك الزِّنَى، فإن العادة كتمانه، فإذا ظهر.. دل على تقدم مثله.
وأمَّا استدلالهما بحرية الزاني وثيوبته قبل إقامة الحد عليه: فلا يشبه مسألتنا، لأن هذا تغير حال من يقام عليه الحد، وفي مسألتنا: لو تغير حال من يقام عليه الحد.. لم يتغير الحد، وإنما كلامنا فيه إذا تغير حال من يقام عليه الحد لأجله.
[مسألة: القذف بلفظ صريح يوجب الحد وماذا لو كان غير صريح؟]
إذا قذف غيره بلفظ صريح، كقوله: زنيت، أو أنت زان، أو يا زاني، أو ما أشبه ذلك.. وجب عليه حد القذف، سواء نوى به القذف أو لم ينو، لأنه لا يتحمل غير القذف.
وإن قذفه بلفظ ليس بصريح في القذف ولكنه كناية يحتمل الزِّنَى وغيره، بأن يقول لغيره: يا فاجر، يا خبيث، يا حلال يا ابن الحلال. أو يقول: أما أنا فلست بزان، أو لم تحمل بي أمي من زنَى، أو لم تزن بي أمي، وما أشبه ذلك، فإن أقر أنه نوى به القذف.. وجب عليه الحد، لأن ما لا يعتبر فيه الشهادة.. كانت الكناية فيه مع النية بمنزله الصريح، كالطلاق والعتاق. وفيه احتراز من النكاح، فإنه تعتبر فيه الشهادة