والثالث: يضمن نصف الدية؛ لأن قدر الضرب بالأيدي والنعال مستحق، وما زاد عليه متعد به، فصار بعضه مضمونا وبعضه غير مضمون، فسقط النصف لما هو غير مضمون، ووجب النصف لما هو مضمون.
وهل يجب ذلك في بيت المال، أو على عاقلة الإمام؟ على القولين.
[مسألة: الإقرار والشهادة من غير تفسير في الخمر والشم]
مسألة:[الإقرار والشهادة من غير تفسير يوجبان الحد في الخمر بخلاف الشم ونحوه] :
ولا يجب حد الخمر حتى يقر أنه شرب خمرا، أو أنه شرب مسكرا، أو شرب شرابا يسكر منه غيره، أو تقوم عليه بينة بذلك. ولا يفتقر في الشهادة عليه إلى أن يقول الشاهد: إنه شرب شرابا مسكرا وهو غير مكره، ولا مع علمه أنه يسكر؛ لأن الظاهر من فعله الاختيار والعلم.
والفرق بينه وبين الشهادة على الزِّنَى حيث قلنا: لا يحكم عليه حتى يفسر الشاهد الزِّنَى.. أن الزِّنَى يعبر به عن الصريح وعن دواعيه، وشرب الخمر لا يعبر به عن غيره.
فإن وجد الرجل سكران، أو شم منه رائحة الخمر، أو تقيأ خمرا أو مسكرا.. لم يقم عليه الحد. وبه قال أكثر أهل العلم. ورُوِي عن عُثمانَ:(أنه لما شهد عنده رجلان على الوليد بن عقبة، فشهد أحدهما عليه أنه شرب الخمر، وشهد الآخر أنه تقيأها، فقال: ما تقيأها إلا وقد شربها، فحده) .
ورُوِي:(أن ابن مَسعُودٍ، قدم حمص، فسألوه أن يقرأ لهم شيئا من القرآن، فقرأ سورة يوسف، فقال له رجل: ما هكذا أنزلت! فقال ابن مَسعُودٍ: قرأت عليكم كما قرأت على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجعل الرجل ينازعه، فشم منه ابن مَسعُودٍ، رائحة الخمر، فقال: أتشرب النجس وتكذب بالقرآن؟! والله لا أبرح حتى أحدك، فحده) .