[مسألة ادعى عبده أن سيده أعتقه فأنكر السيد فأقام العبد شاهدين ثم اشتراه أحدهما]
وإن كان في يده عبد، فادعى عليه أنه أعتقه فأنكر، فأقام عليه شاهدين بأنه أعتقه، فإن قبلت شهادتهما.. عتق، وإن ردت شهادتهما.. فالقول قول السيد مع يمينه، فإذا حلف.. استقر ملكه عليه.
فإن اشتراه الشاهدان أو أحدهما.. حكم بصحة البيع من جهة البائع؛ لأنه محكوم له بملكه، ويكون الشراء من جهة المشتري ابتداء، كما إذا وجد المسلم مع المشرك أسيرا مسلما فاشتراه.. فإنه يكون استنقاذا. فإذا أنفذ البيع.. حكم بعتقه على المشتري؛ لتقدم إقراره بعتقه، ويثبت عليه الولاء؛ لأن العتق لا ينفك عن الولاء، ويكون موقوفا؛ لأن المشتري لا يدعيه والبائع لا يدعيه.
فإن مات هذا العبد وخلف مالا، فإن كان له وارث مناسب أو من له فرض.. ورث ميراثه. وإن لم يكن له وارث.. نظرت: فإن أقر البائع أنه قد كان أعتقه.. قبل قوله ولزمه رد الثمن على المشتري، وكان مال المعتق أو ما بقي عن أهل الفرض له؛ كما إذا لاعن امرأته ونفى نسب ولدها، ثم مات الولد وخلف مالا.. فأكذب الرجل نفسه.
وإن لم يقر البائع أنه قد كان أعتقه، لكن اعترف المشتري أنه كان قد كذب في الشهادة في العتق.. لم يقبل قوله في إبطال العتق، ولكن يكون له أخذ مال المعتق بالولاء؛ لأنه حكم بعتقه عليه.
وإن أقر البائع أنه كان أعتقه، وأقر المشتري أنه كان شهد بالزور.. فالذي يقتضي المذهب: أن ماله يوقف بينهما إلى أن يصطلحا عليه؛ لأنه لا مزية لقول أحدهما على الآخر.
وإن لم يقر البائع بعتقه، ولا رجع المشتري عن شهادته بالعتق.. فنقل المزني أن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قال:(أوقفت المال حتى يجيء من يدعي الولاء) .