دليلنا: أنه حق مستحق بالتعصيب، فلم يثبت للأبعد مع الأقرب، كالميراث.
فإن خرج الولي الأقرب عن أن يكون وليا، باختلاف الدين، أو الفسق، أو الجنون، أو الصغر.. انتقلت الولاية إلى الولي الأبعد، لـ:(أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوج أم حبيبة من ابن عمها مع وجود أبيها، لكون أبيها كافراً) ، فإذا ثبت ذلك في الكفر.. كان في الفسق والجنون والصغر مثله، لأن الجميع يمنع ثبوت ولاية النكاح.
وإن أعتق رجل أمة ومات، وخلف ابنا صغيراً، وأخا لأب كبيراً، وأرادت الجارية النكاح، ولا مناسب لها،.. فلا أعلم فيها نصاً، والذي يقتضي المذهب: أن ولاية نكاحها لأخ المعتق، لأن الولاية في الولاء فرع على ولاية النسب، وولاية ابنة الميت لأخيه ما دام الابن صغيراً، وكذلك ولاية المعتقة.
[فرع تعود الولاية بزوال سبب قطعها]
وإن زال السبب الذي أوجب قطع الولاية في الأقرب.. عادت ولايته، لأن المانع قد زال. فإن كان الولي الأبعد قد زوجها قبل زوال المانع.. صح النكاح. وإن كان زوجها الأبعد بعد زوال المانع، وبعد علمه بزوال المانع.. لم يصح، كما لو باع الوكيل ما وكل في بيعه بعد العزل، وبعد علمه بالعزل. وإن زوج بعد زوال المانع، وقبل علمه بزواله.. ففيه وجهان، بناء على القولين في الوكيل إذا باع بعد العزل وقبل علمه بالعزل.
[فرع يزوج الحاكم عند امتناع الولي من الكفء]
فإن دعت المرأة أن تزوج بكفء، فامتنع الولي.. زوجها الحاكم، ولا تنتقل الولاية إلى من بعد العاضل من الأولياء، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإن اشتجروا.. فالسلطان ولي من لا ولي له»
ولأن النكاح حق لها، فإذا تعذر ذلك من جهة وليها.. كان على الحاكم استيفاؤه، كما لو كان لها على رجل دين، فامتنع من بذله.. فإن الحاكم ينوب عنه في الدفع من مال الممتنع.