وقال أكثر أصحابنا: ليس له أن يرجع عليه، كما نقله المزني؛ لأن الإعسار لو كان عيبا في الحوالة.. لثبت له فيه الخيار من غير شرط، كالعيب في المبيع، ولأن التفريط في البيع من جهة البائع، حيث لم يبين العيب في سلعته، فإذا لم يبين.. ثبت للمشتري الخيار، والتفريط هاهنا من جهة المحتال، حيث لم يختبر حال المحال عليه، ولأن نفس السلعة حق للمشتري، فإذا وجدها ناقصة.. كان له الرجوع إلى الثمن، وليس كذلك ذمة المحال عليه؛ لأنها ليست نفس حق المحتال، وإنما هي محل لحقه، فوجود الإعسار بذمة المحال عليه ليس بنقصان في حقه، وإنما يتأخر حقه، ألا ترى أنه قد يتوصل إلى حقه من هذه الذمة الخربة بأن يوسر، أو يستدين، فيقضيه حقه، بخلاف المبيع إذا وجده معيبا؟
[مسألة: لا تبطل الحوالة بعد قبضها إن وجد عيبا]
] : وإن اشترى رجل من رجل عبدا بألف، ثم أحال المشتري البائع بالألف على رجل عليه للمشتري ألف، ثم وجد المشتري بالعبد عيبا، فرده، فإن رده بعد أن قبض البائع مال الحوالة.. انفسخ البيع، ولم تبطل الحوالة بلا خلاف على المذهب، بل قد برئت ذمة المحال عليه، ويرجع المشتري على البائع بالثمن، وإن رده قبل قبض البائع مال الحوالة.. فقد ذكر المزني في " المختصر ": (أن الحوالة باطلة) . وقال في " الجامع الكبير ": (الحوالة ثابتة) .
واختلف أصحابنا فيها على أربع طرق: فـ[الطريق الأولى] : قال أبو إسحاق، وأبو علي بن أبي هريرة: تبطل الحوالة، كما ذكر في " المختصر "؛ لأن الحوالة وقعت بالثمن، فإذا رد العبد بالعيب.. انفسخ البيع، وسقط الثمن، فبطلت الحوالة.
و [الطريق الثانية] : قال أبو علي في " الإفصاح ": لا تبطل الحوالة، كما ذكر في " الجامع "؛ لأن الحوالة كالقبض، فلم تبطل برد المبيع، كما لو قبض المحتال مال الحوالة، ثم وجد المشتري بالعبد عيبا، فرده، ولأن المبتاع دفع إلى البائع بدل ما له في ذمته، وعاوضه بما في ذمة المحال عليه، فإذا انفسخ العقد الأول.. لم ينفسخ