وحكى القاضي في " المجرد ": أنه إذا كان يعتقد تحريمه.. ردت به شهادته. والمذهب الأول. وقال مالك:(ترد به الشهادة بكل حال) .
دليلنا: أنه مختلف في إباحته، ومن أقدم على مختلف فيه.. لم ترد به شهادته، كمن تزوج امرأة من ولي فاسق. ولأن استحلاله أعظم من شربه؛ بدليل أن من قال: يحل شرب الخمر.. يحكم بكفره، ومن شربها معتقدا لتحريمها.. لم يكفر، وقد ثبت أن من قال: يحل شرب النبيذ للمسكر من غير أن يسكر.. لا ترد شهادته بذلك، فلأن لا ترد شهادة من شرب منه ما لم يسكر به أولى. ويجب به الحد.
وقال المزني: لا يجب به الحد، وقد مضى ذلك في " الحدود ".
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (والمستحل للأنبذة يحضر مع أهل السفه الظاهر، ويترك لها حضور الصلوات وغيرها، وينادم عليها.. ترد شهادته لطرح المروءة وإظهار السفه) . وأما ما لا يسكر من عصير العنب ونبيذ التمر والزبيب: فلا يحرم شربها، إلا أنه يكره شرب المنصف والخليطين. و (المنصف) : النبيذ من التمر والزبيب. و (الخليطين) : النبيذ من البسر والرطب؛ لما روي:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن المنصف والخليطين» . ولأن كل شراب إذا قارب الإسكار.. تتبين فيه مرارة يعلم بها مقاربة الاشتداد، فيجتنب إلا المنصف والخليطين فإنهما يشتدان، وهما حلوان، فلا يتميز للشارب، هل هو مسكر أم لا؟ فكره شربه؛ لأنه لا يؤمن أنه صار مسكرا.
[مسألة شهادة المغني والمستمع له]
] : أما الغناء - وهو: التغني بالألحان - فإن لم يكن معه آلة مطربة.. فهو مكروه عندنا، غير محرم ولا مباح.