وفرق بينهما؛ بأنه إذا قطع يدي رجل أو رجليه.. فقد جمع عليه بين ألمين، فجاز له أن يجمع عليه بينهما، وهاهنا الجاني لم يجمع عليه بين ألمين.. فلا يجوز له أن يجمع عليه بينهما.
فإن قيل: أوليس لو قطع يمين رجل ويسار آخر.. لم يؤخر القصاص عليه في إحداهما إلى اندمال الأخرى؟
قلنا: الفرق بينهما: أن القطعين مستحقان قصاصاً؛ فلهذا جمعنا بينهما، وهاهنا أحدهما غير مستحق عليه، فلم يجمع بينهما.
وإن سرى قطع اليسار إلى نفس الجاني في الموضع الذي قال: ظننتها اليمين، أو ظننت أن قطعها يجزئ عن اليمين.. قال ابن الصباغ: فإنه يجب على المقتص دية كاملة، وقد تعذر عليه القصاص في اليمين، فيجب له دية يده، فيقاص بها فيما عليه.
قال: وحكي عن الشيخ أبي حامد: أنه قال: عندي: أنه استوفى حقه من اليمين بتلفه، كما لو كان له قصاص في اليد، فقطعها، ثم قتله.
ووجه الأول: أن حقه في قطع اليد، ولم يحصل، وإنما قتله، فقد ضمنها مع النفس بالدية.
قال ابن الصباغ: ويلزمه أن يقول فيه إذا بذلها مع العلم بها وسرت أيضاً، أن يكون مستوفياً لليمين؛ لأن البذل فيما استحق إتلافه لا يمنع استيفاء الحق به، وإنما تكون سرايتها هدراً فيما لا يستحقه.
[فرع اختلفا ببذل اليسار للقطع]
] : وإن اختلفا: فقال المقتص: بذلت لي اليسار وأنت عالم بأنها اليسار، وأنه لا يجزئ قطعها عن اليمين. وقال الجاني: بذلتها ولم أعلم أنها اليسار، أو لم أعلم أن قطعها لا يجزئ عن اليمين.. فالقول قول الجاني مع يمينه؛ لأنه أعلم بنفسه.