والثاني: يجب عليه القطع؛ لأنه لما أخذ مال الغاصب.. علمنا أنه هتك الحرز ليسرق، فإذا سرق.. وجب عليه القطع.
وذكر الشيخ أبُو إسحاق: إذا سرق المغصوب منه من مال الغاصب نصابا مع مال نفسه.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يجب عليه القطع.
والثاني: يجب عليه القطع؛ لما مَضَى.
والثالث: إن كان ما سرقه متميزا عن ماله.. قطع؛ لأنه لا شبهة له في سرقته. وإن كان مختلطا بماله.. لم يقطع؛ لأنه لا يتميز ما يجب فيه القطع بما لا يجب فيه القطع، فعلى قوله.. في المال المخلوط وجهان، وفي غير المختلط وجهان.
[فرع: نقب من له دين على حرز من عليه الدين]
وإن كان لرجل على رجل دين، فنقب من له الدين حرزا لمن عليه الدين، وأخذ من ماله قدر دينه، وهو نصاب.. فقد قال الشافعي:(لا قطع عليه) .
وقال أصحابنا: إنما لا يجب عليه القطع إذا كان من عليه الدين مماطلا بما عليه له من الدين مانعا له عنه؛ لأن له أن يتوصل إلى أخذ دينه عند منعه بأي وجه قدر عليه. وإن كان من عليه الدين باذلا له دينه.. وجب عليه القطع؛ لأنه لا حاجة به إلى هتك الحرز، وأخذ ذلك من غير رضا من عليه الدين.
قال ابن الصبَّاغ: فإن كان من عليه الدين غير باذل له دينه، فأخذ من له الدين أكثر من دينه.. كان كالمغصوب منه إذا سرق من مال الغاصب مع مال نفسه على ما ذكرناه، وأراد كما لو سرق المغصوب منه من مال الغاصب نصابا متميزا عن ماله.. فهل يجب عليه القطع؟ فيه وجهان.