والذي يقتضي المذهب: أنه ينظر: فإن سرق قدر نصيبه أو دونه.. لم يقطع. وإن سرق أكثر من نصيبه.. ففيه وجهان، كما لو كان السارق من الغانمين.
[مسألة: وطء أحد الغانمين جارية من السبي]
إذا غنم المسلمون أموال الكفار وحازوها، فإن كان فيها جارية، فوطئها رجل من الغانمين.. نظرت: فإن كان عددهم غير محصور.. لم يجب عليه الحد. وبه قال مالك وأبو حَنِيفَة وأكثر الفقهاء.
وقال الأَوزَاعِي وأبو ثور:(عليه الحد) .
دليلنا: أنه ملك أن يملك سهمًا منها، وإن كان ذلك السهم غير معلوم.. فصار ذلك شبهة، فسقط به الحد عنه.
وأمَّا التَّعزِير: فإن كان قد نشأ في بلاد الإسلام، وعلم تحريم ذلك.. عزر. وإن نشأ في بادية بعيدة، ولم يعلم تحريم ذلك.. لم يعزر. ويجب عليه جميع المهر؛ لأنه وطء في غير ملك يسقط فيه الحد عن الموطوءة، فوجب عليه المهر، كما لو وطئ في نكاح فاسد. فإن ملكها بعد ذلك.. لم يسقط عنه شيء من المهر، كما لو وطئ جارية غيره بشبهة ثم ملكها.
فإن كانت بحالها، وأخرج الإمام الخمس لأهل الخمس، وقسم أربعة أخماسها بين الغانمين، فدفع جارية من المغنم إلى عشرة من الغانمين بحصتهم من الغنيمة؛ لأن له أن يفعل، فوطئها أحدهم.. نظرت: فإن وطئها بعد أن اختاروا تملكها.. فهي كالجارية بين الشركاء يطؤها أحدهم، فلا يجب عليه الحد، ويجب عليه تسعة أعشار المهر، ويسقط العشر؛ لأن ذلك حصة ملكه.
وإن وطئها قبل أن يختاروا تملكها.. فلا حد عليه، وعليه جميع المهر.
فإن لم يختر الواطئ تملك نصيبه منها بعد وطئه.. أخذ منه جميع المهر.