وإن لم يلحق الولد بأحدهما.. كانت نفقة الولد عليهما نصفين إلى أن يتبين، وهل ترجع المرأة عليهما بنفقتها حال حملها بينهما نصفين؟
إن قلنا: إن النفقة للحامل.. لم ترجع عليهما بشيء؛ لأنه يمكن أن يكون الحمل من الأول، فتستحق عليه النفقة، ويمكن أن يكون من الثاني، فلا تستحق على أحدهما نفقة، وإذا شككنا في استحقاقها النفقة.. لم ترجع على أحدهما بشيء.
وإن قلنا: إن النفقة للحمل.. رجعت عليهما بنفقتها حال حملها بينهما نصفين؛ لأنا نعلم أنها تستحق جميع نفقتها على أحدهما لا بعينه، وليس أحدهما بأولى من الآخر، فرجعت بها عليهما نصفين، وكل موضع أنفقا على المرأة بينهما، أو أنفقا على الولد بعد الوضع بينهما، ثم لحق الولد بأحدهما، وبان أن النفقة عليه.. فهل يرجع الآخر عليه بما أنفق؟ ينظر فيه:
فإن أنفق بغير حكم الحاكم.. لم يرجع عليه بشيء؛ لأنه متطوع بالإنفاق.
وإن أنفق بحكم الحاكم، فإن كان يدعي نسب الولد.. لم يرجع؛ لأنه يقول: هو ولدي ويستحق علي جميع النفقة، وإنما ظلمت بنفيه عني، وإن كان يجحد نسب الولد.. فإنه يرجع على الآخر بما أنفق؛ لأنه يقول: قد كنت أقول: إن هذا الولد ليس مني، ولا يستحق علي النفقة، وإنما أكرهت على الإنفاق عليه بغير حق، فأنا أستحق الرجوع على أبيه.
ومن أصحابنا من قال: إذا أشكل حال الولد.. لم تجب النفقة على واحد منهما؛ لأن الشافعي قال:(وإن أشكل الأمر.. لم آخذه بنفقته) ، ولأنا نشك في وجوب النفقة على كل واحد منهما، فلم تجب بالشك. والأول أصح؛ لأن الشافعي إنما أراد: أن الزوج لا يؤخذ بالنفقة وحده، ولكن تجب النفقة بينه وبين الآخر على ما بيناه.
[فرع طلق رجعيا ونكحت بعدتها وحملت]
وإن طلق امرأته طلاقا رجعيا، ونكحت بآخر في عدتها، ووطئها، وفرق بينهما، وأتت بولد لأكثر من أربع سنين من طلاق الأول، ولستة أشهر فما زاد إلى أربع سنين من وطء الثاني، فإن قلنا: إن الولد يلحق بالأول، ولا ينتفي عنه إلا باللعان..