إذا ثبت هذا: فإن القصاص لا يجب على الحاكم؛ لأنه مخطئ، وتجب عليه الدية، وهل تجب على عاقلته أو في بيت المال؟ على قولين، مضى ذكرهما.
وإن كان المحكوم به مالا، فإن كان المحكوم به باقيا في يد المحكوم له.. وجب عليه رده.
وإن كان تالفا، فإن كان المحكوم له موسرا.. غرمه، وإن كان معسرا.. وجب ضمانه على الحاكم، وهل يجب في ماله أو في بيت المال؟ على قولين. ولا يمكن إيجابه على العاقلة؛ لأن العاقلة لا تحمل المال.
فإذا غرم الحاكم المال.. كان المال ثابتا في ذمة المشهود له، فإذا أيسر.. غرم الحاكم أقل الأمرين: مما دفع أو الحق المشهود به.
والفرق بين المال وإتلاف النفس والعضو: أن المال يضمن بالإتلاف واليد، وقد حصل المال في يد المشهود له فلزمه ضمانه، وضمان النفس والعضو إنما يجب إذا أتلف بغير حق، وتمكين الحاكم المشهود له من إتلاف ذلك.. أخرج إتلافه عن أن يكون إتلافا بغير حق، فلم يلزمه الضمان.
[مسألة حكم الحاكم لا يحيل الأمور]
حكم الحاكم لا يحيل الأمور عما هي عليها، فإذا ادعى رجل على رجل حقا، فأنكر المدعى عليه، وأقام المدعي شاهدين وحكم الحاكم بشهادتهما، فإن كانا قد شهدا بحق.. صح الحكم ظاهرا وباطنا وحل للمشهود له ذلك.
وإن شهدا بغير حق، أو حكم له الحاكم بشيء بيمين فاجرة.. فإن الحكم ينفذ في الظاهر، ولا ينفذ في الباطن، ولا يحل للمحكوم له ما حكم له به. وبه قال شريح ومالك وأبو يوسف ومحمد وأكثر أهل العلم.