قال أصحابنا: وأراد بذلك الصغائر دون الكبائر، فإذا كان الإنسان مجانبا للكبائر وارتكب بعض الصغائر، فإن كان الغالب من أحواله مواقعة الصغائر.. لم تقبل شهادته؛ لأن من استجاز مواقعة الصغائر في غالب أحواله.. استجاز مواقعة الكبائر، فلم تقبل شهادته.
وإن كان الغالب من أحواله ترك ارتكاب الصغائر، وإنما يواقعها نادرا.. لم ترد شهادته بذلك؛ لأنا لو قلنا: ترد شهادته.. أدى إلى أن لا تقبل شهادة أحد؛ لأن أحدا لا ينفك من مواقعة الصغائر نادرا، حتى الأنبياء - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وسلامه؛ ولهذا قال الله تعالى:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}[طه: ١٢١][طه: ١٢١] ، وقال الله تعالى في قصة داود:{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}[ص: ٢٤][ص: ٢٤] . وروي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«ما منا إلا من عصى أو هم بمعصية، إلا يحيى بن زكريا» وإذا لم يمكن الاحتراز منها.. علق الحكم على الأغلب من الحال؛ لأن للغلبة تأثيرا في الشرع؛ ولهذا قال الله تعالى:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: ٨]{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}[الأعراف: ٩] الآية [الأعراف: ٨ - ٩] ، وقال:{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ}[القارعة: ٦]{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}[القارعة: ٧]{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ}[القارعة: ٨]{فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}[القارعة: ٩][القارعة: ٦ - ٩] فاعتبر الأغلب.
[مسألة شهادة أهل الأهواء]
] : قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (ولا ترد شهادة أحد من أهل الأهواء إذا كان لا يرى أن يشهد لموافقيه بتصديقه وقبول يمينه، ولشهادة من يرى أن كذبه شرك بالله