في الغنيمة، فإن كل واحد منهم لو انفرد بالغنيمة.. لاستحق جميعها، فإذا اشتركوا.. تفاضلوا.
إذا ثبت هذا: فإن حضر جميع الشفعاء، واختاروا الأخذ.. فلا كلام، وإن عفا بعضهم عن حقه من الشفعة.. كان جميع الشقص لمن لم يعف، فإن أراد من لم يعف أن يأخذ بقدر نصيبه.. لم يكن له ذلك؛ لأن في ذلك تبعيض الصفقة على المشتري، وإضرارا به، فلم يجز. وإن قال بعضهم: جعلت حقي من الشفعة لفلان.. سقط حقه من الشفعة، وكان لباقي الشفعاء؛ لأن ذلك عفو، وليس بهبة.
[فرع: بيع أحد الشركاء نصيبه من أجنبي ثم حضر الشفعاء تباعا]
فإن كانت الدار بين أربعة أنفس، فباع أحدهم نصيبه من أجنبي، وحضر أحد الشفعاء الثلاثة.. فله أخذ جميع الشقص؛ لأن في أخذه البعض إضرارا بالمشتري، ولأن الظاهر أنه لا شفيع للشقص غيره؛ لأن الآخرين لا يعلم هل يطالبان بالشفعة، أم لا؟ فإذا قدم الشفيع الثاني.. أخذ من الأول نصف الشقص؛ لأنه ليس هاهنا شفيع مطالب سواهما، فإذا قدم الثالث.. أخذ من كل واحد من الأولين ثلث ما بيده من الشقص المبيع؛ لأن ذلك قدر ما يستحقه كل واحد منهم عند الاجتماع، فإن عفا الشفيعان الآخران.. استقر ملك الأول على ملك جميع الشقص، فإن قال الشفيع الأول: لا آخذ جميع الشقص، وإنما آخذ منه الثلث.. لم يكن له ذلك؛ لأن في ذلك تبعيض الصفقة على المشتري، وهل تبطل شفعته بذلك؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو علي بن أبي هريرة: تبطل شفعته؛ لأنه أمكنه أخذ الجميع، فإذا لم يفعل.. بطلت شفعته، كما لو وجبت له الشفعة وحده في شقص، فقال: لا آخذ إلا بعضه.
فعلى هذا: إذا قدم الشفيعان الآخران، فإن اختارا أخذ جميع الشقص.. كان لهما ذلك، وإن اختارا الترك.. سقطت شفعة الجميع، فإن اختار أحدهما أخذ جميع الشقص، واختار الآخر الترك.. كان لهما ذلك.
والوجه الثاني - وهو قول أبي العباس، وأبي إسحاق -: أن شفعة الأول لا تبطل