قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (والقبض في العبد والثوب وما يحول: أن يأخذه مرتهنه من يد راهنه، وقبض ما لا يحول من أرض أو دار: أن يسلمه بلا حائل) . وهذا كما قال: القبض في الرهن كالقبض في البيع. فإذا رهنه ما ينقل، مثل: الدراهم، والدنانير، والثياب.. فقبضها أن يتناولها، وينقلها من مكان إلى مكان.
وكذلك: إذا رهنه عبدا أو بهيمة.. فقبض العبد أن يأخذه بيده، وينقله من مكان إلى مكان، وفي البهيمة أن يقودها أو يسوقها من مكان إلى مكان. وإن رهنه صبرة جزافا.. فقبضها أن ينقلها من مكان إلى مكان، وإن رهنه مكيلا من صبرة فقبضه بالكيل. وإن رهنه ما لا ينقل، كالأرض، والدار، والدكان.. فالقبض فيها أن يزيل الراهن يده عنها، بأن يخرج منها، ويسلمها إلى المرتهن، ولا حائل بينه وبينها. فإن رهنه دارا، فخلى بينه وبينها وهما فيها، ثم خرج الراهن.. صح القبض.
وقال أبو حنيفة:(لا يصح حتى يخلي بينه وبينها بعد خروجه منها؛ لأنه إذا كان في الدار.. فيده عليها، فلا تصح التخلية) . وهذا ليس بصحيح؛ لأن التخلية تحصل بقوله، وبرفع يده عنها، ألا ترى أن بخروجه من الدار لا تزول يده عنها، وبدخوله إلى دار غيره لا تثبت يده عليها؟ ولأنه بخروجه عنها محقق لقوله، فلا معنى لإعادة التخلية. هكذا ذكره ابن الصباغ.
قال: وإن خلى بينه وبين الدار، وفيها قماش للراهن.. صح التسليم في الدار. وقال أبو حنيفة:(لا يصح التسليم في الدار؛ لأنها مشغولة بملك الراهن) . وكذلك يقول:(إذا رهنه دابة عليها حمل للراهن، وسلم الجميع إليه.. لم يصح قبض الدابة، ولو رهنه الحمل دون الدابة، أو معها، وسلمها إليه.. صح القبض) .
وكذلك يقول في قماش الدار. وهذا ليس بصحيح؛ لأن كل ما كان قبضا في البيع..