وقال المسعودي (في " الإبانة " ق\٤٠٦) : وهل تقدم الوصية للمساكين على غيرهما؟ فيه قولان، كالعتق مع غيره، والأول أصح؛ لأن العتق له مزية بالسراية، وهذا لا يوجد في الوصية للمساكين.
وإن كانت الوصية بمحاباة وهبة وكتابة.. فاختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: هل تقدم الكتابة على غيرها؟ فيه قولان؛ لما في الكتابة من العتق.
ومنهم من قال: لا تقدم الكتابة قولا واحدا؛ لأنه لا سراية للكتابة.
وإن كان بعض التبرعات منجزة وبعضها مؤخرة.. قدمت المنجزة، سواء تقدمت أو تأخرت، عتقا كانت أو غيره؛ لأنها أقوى، بدليل أن الكل يلزم في حق المتصرف ولو لم يمت في مرضه ذلك، والمؤخرة لا تلزم في حياته بحال.
وقال أبو حنيفة:(إذا أعتق عبدا في مرضه، ثم أوصى بعتق آخر، ولم يحتملهما الثلث.. سوى بينهما) .
دليلنا: أنهما عطيتان، إحداهما منجزة والأخرى مؤخرة، فقدمت المنجزة، كما لو باع وحابى، ثم أوصى بعتق عبد.
[فرع ينفذ تعليق عتق مشروط إن احتمله الثلث]
إذا كان له عبدان - سالم وغانم - فقال في مرض موته: إذا أعتقت سالما.. فغانم حر، فأعتق سالما، فإن احتملهما الثلث.. عتق سالم بالمباشرة، وعتق غانم بالصفة. وإن لم يحتملهما الثلث.. عتق سالم؛ لأنه سابق، ولم يعتق غانم؛ لأن عتقه متأخر.
وإن قال: إذا أعتقت سالما.. فغانم حر حال عتق سالم، فأعتق سالما واحتملهما الثلث.. فاختلف أصحابنا فيها:
فقال القاضي أبو الطيب: يعتق سالم ولا يعتق غانم؛ لأن إعتاق سالم شرط لإعتاق غانم، والمشروط لا يصح وقوعه مع الشرط ولا قبله.