للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب كفارة القتل]

الأصل في وجوب الكفارة في القتل: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] الآية [النساء: ٩٢] . فذكر الله تعالى في الآية ثلاث كفارات.

إحداهن: إذا قتل مسلم مسلمًا في دار الإسلام؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] [النساء: ٩٢] .

الثانية: إذا قتل مؤمنًا في دار الحرب، بأن كان أسيرًا في صفهم أو مقيمًا باختياره؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] [النساء: ٩٢] . ومعناه: في قوم عدو لكم.

والثالثة: إذا قتل ذميًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] [النساء: ٩٢] .

إذا ثبت هذا: فظاهر الآية أنه ليس له أن يقتله عمدًا، وله قتله خطأ؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات. قال الشيخ أبو حامد: ولا خلاف بين أهل العلم أن قتل الخطأ محرم كقتل العمد، إلا أن قتل العمد يتعلق به الإثم، وقتل الخطأ لا إثم فيه.

واختلف أصحابنا في تأويل قوله: {إِلا خَطَأً} [النساء: ٩٢] :

فمنهم من قال: هو استثناء مقطوع من غير الجنس، فيكون تقديره: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا خطأ، معناه: لكن إن قتله خطأ.. فتحرير رقبة؛ كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} [النساء: ٢٩] [النساء: ٢٩] . وتقديره: لكن كلوا بالتجارة؛ لأنه لو كان استثناء من الجنس.. لكان تقديره: إلا أن تكون تجارة بينكم عن تراض منكم.. فكلوها بالباطل، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>