وإن كان الأعمى لم يشاهد العين المبيعة، بأن كان أكمه: وهو الذي خلق أعمى، أو كان قد خلق بصيرًا، إلاَّ أنه يشاهد العين المبيعة قبل العمى، فإن قلنا: إن بيع خيار الرؤية لا يصح.. لم يصح البيع هاهنا. وإن قلنا: إن بيع خيار الرؤية يصح.. فهل يصح بيع الأعمى وشراؤه؟ في وجهان:
أحدهما: يصح، ويوكل من يقبض له المبيع إذا وجده على الصفة المشروطة، ويفوض إليه الفسخ والإجازة إذا رأى.
وهكذا: البصير إذا اشترى عينًا غائبةً.. فله أن يوكل من يشاهدها، ويستنيبه في الخيار والقبض.
والثاني: لا يصح؛ لأنه لم يشاهد المبيع، ولا يصح التوكيل في هذا الخيار؛ لأن هذا خيار عقد، فلم تصح الاستنابة فيه، كخيار المجلس.
وهذا القائل يقول: لا يصح توكيل البصير لغيره في مشاهدة العين المبيعة في بيع خيار الرؤية، والفسخ، والإجارة عند ذلك؛ لهذه العلة.
والقائل الأول قال: يجوز. وهذا مذهبنا. وقال مالكٌ، وأبو حنيفة، وأحمد:(يجوز بيع الأعمى وشراؤه، في العين التي لم يرها قبل العمى) . وأثبت له أبو حنيفة الخيار إلى معرفته بالمبيع، إما بأن يجسه أو يذوقه، أو يشمه، أو بأن يوصف له.
دليلنا عليهم:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الغرر» . وهذا غررٌ؛ لأنه لا يدري ما باع، ولا ما اشترى.
[مسألة: رؤية بعض المشترى]
] : إذا رأى بعض المبيع دون بعض، فإن كان لا تختلف أجزاؤه، كالصبرة من الطعام، والجرة من السمن والدبس، إذا رأى رأسها.. صح بيعه؛ لأن أجزاءه متساوية، والظاهر أن باطنه كظاهره. وإن كان مما تختلف أجزاؤه، فإن كان يشق رؤية باطنه، كأساس الدور، والجوز في القشر الأسفل.. صح بيعه؛ لأنه يشق رؤية