كان فيها تقويم.. لم يجز أن يكون أقل من اثنين، كما قلنا في تقويم المتلفات. وإن كان فيها خرص.. ففيه قولان، كما قلنا في الخرص في الزكاة.
[مسألة أجرة القاسم جائزة]
ويجوز استئجار القاسم بأجرة معلومة؛ لأن القسمة عمل معلوم، بخلاف الإجارة على الحكم، فإنه لا يجوز؛ لأنه عمل غير معلوم.
ويجوز أن يدفع الإمام إلى القاسم الذي نصبه الرزق من بيت المال؛ لما روي:(أنه كان لعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قاسم يقال له: عبد الله بن لحي، يعطيه رزقه من بيت المال) . ولأن ذلك من
المصالح
. فإن لم يكن في بيت المال شيء، أو كان فيه ولكنه يحتاج إلى صرفه فيما هو أهم من ذلك.. فإن أجرة القاسم على الشركاء؛ لأن القسمة حق لهم. فإن استأجره كل واحد منهم بعقد منفرد ليقسم له نصيبه.. جاز، ولزم كل واحد منهم ما استأجره به، سواء كان قليلا أو كثيرا. وإن استأجروه بعقد واحد ليقسم بينهم بأجرة.. وجبت عليهم الأجرة على قدر أملاكهم، وبه قال أحمد.
وقال أبو حنيفة:(تجب الأجرة عليهم، وتقسم بينهم على عدد الرؤوس) .
وقال أبو يوسف ومحمد: القياس يقتضي: أن تقسم بينهم على عدد رؤوسهم، ولكنا نقسمها عليهم على قدر أملاكهم استحسانا.
دليلنا: أن الأجرة مؤنة تتعلق بالملك فقسمت على قدر الأملاك، كنفقة العبد.
وإن طلب أحدهما القسمة وامتنع الآخر، فرفع الطالب الأمر إلى الحاكم فنصب قاسما، فقسم بينهما.. فإن أجرته على الشريكين، وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد.
وقال أبو حنيفة:(تجب جميع أجرته على الطالب) .
دليلنا: أن الأجرة تجب لإقرار النصيبين، وهما في ذلك سواء، فوجبت الأجرة عليهما، كما لو تراضيا بالرفع إلى الحاكم.