فإن كان وقت الوقوف باقيًا.. فإن الثاني يحرم بالحج من مكانه، ولا يجب الدم؛ لأنه بنى على إحرام الأول.
وإن كان قد فات وقت الوقوف بعد وقوف الأول.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها - وهو قول أبي إسحاق -: أنه يحرم بالعمرة، ويطوف ويسعى؛ لأنه لا يجوز أن يحرم بالحج في غير أشهر الحج، ولا يأتي بالرمي والمبيت؛ لأنه ليس في العمرة رمي ولا مبيت.
والثاني - حكاه الشيخ أبو حامد -: أنه يحرم إحرامًا مطلقًا لا ينوي به حجًا ولا عمرة.
والثالث - وهو ظاهر قول الشافعي -: أنه يحرم بالحج؛ لأنه بنى على إحرام الأول.
قال أصحابنا: وجميع هذه الأوجه ضعيفة؛ لأن:
على قول أبي إسحاق: يحرم بالعمرة، ويطوف عنها ويسعى، ثم يقع ذلك عما عليه من طواف الحج وسعيه، وهذا لا يجوز.
وعلى قول الثاني: الإحرام المطلق لا بد من صرفه إلى حج أو عمرة.
وعلى قول الثالث: يحرم بالحج في غير أشهر الحج، وهذا لا يجوز. وضعفها يدل على ضعف القول القديم الذي تفرعت عليه.
[مسألة: أجر عبده ثم أعتقه]
وإن أجر عبده، ثم أعتقه قبل انقضاء مدة الإجارة.. صح عتقه؛ لأن الإجارة عقد على المنفعة، فلم يمنع صحة العتق، كما لو زوج أمته، ثم أعتقها، ولأنه إذا صح عتق العبد المغصوب.. فلأن يصح عتق العبد المستأجر أولى، وهل يرجع العبد على سيده بأجرة المدة بعد العتق؟ فيه قولان:
قال في القديم:(يرجع عليه بأجرة المثل لمدة الإجارة بعد العتق) ؛ لأنه فوت