لأن الصفقة تفرقت عليه، فإن فسخ العقد فيها.. كان كما لو قلنا: ينفسخ، وإن لم يفسخ.. قسم المسمى على أجرة المثل لما مضى، وأجره المثل لما بقي من المدة.
وإن استأجر دارا فتشعثت: لزم المكري إصلاحها، فإن أصلحها.. فلا كلام، وإن لم يصلحها.. فللمستأجر الخيار في فسخ الإجارة؛ لأن ذلك عيب بها. وإن لم تفسخ حتى مضت مدة الإجارة.. فهل يلزمه جميع الأجرة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يلزمه جميع الأجرة؛ لأنه لم يستوف جميع المنفعة، فهو كما لو سكنها بعض المدة، فانهدمت.
فعلى هذا: يقال: كم أجرة مثل هذه الدار قبل التشعث؟ فإن قيل: عشرون.. قيل: فكم أجرة مثلها وهي متشعثة؟ فإن قيل: خمسة عشر.. سقط عنه من المسمى ربعه إن وجد التشعث في ابتداء مدة الإجارة، وإن وجد بعد مضي بعض المدة، بأن مضى من المدة نصفها.. رجع بثمن الأجرة.
والوجه الثاني: يلزمه جميع الأجرة المسماة؛ لأنه رضي بسكناها ناقصة، فلزمه جميع المسمى، كما لو اشترى عبدًا، فوجد به عيبًا ولم يرده.
[فرع: رد العين المستأجرة بالعيب]
ومتى رد العين المستأجرة بالعيب، فإن كانت الإجارة وقعت على عينها.. لم يكن له أن يطالب ببدلها، كما لو اشترى عبدًا، فوجد به عيبًا فرده.. فإنه لا يطالبه ببدله.
فإن ردها بالعيب قبل أن يمضي شيء من المدة.. انفسخ العقد، ورجع بجميع المسمى، وإن كان ذلك بعد أن مضى شيء من المدة.. انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة، وهل تنفسخ فيما مضى؟ على الطريقين.
وإن كانت الإجارة على عين في الذمة.. لم تنفسخ الإجارة برد العين، بل له أن يطالب ببدلها سليمة، كما لو أسلم إليه على شيء، فدفعه إليه، فوجد به عيبًا.