ولا تفارقه، فإذا طلقها.. فقد وقعت الفرقة، وانفرادها في السفر غير مأذون لها فيه، فلزمها الرجوع والاعتداد في بلدها.
إذا ثبت هذا: فإن الشافعي قال: (ولو أذن لها في زيارة أهلها أو لنزهة.. فعليها أن ترجع؛ لأن الزيارة ليست مقاما) .
ولا يختلف أصحابنا أنه إذا أذن لها في السفر لنزهة أو زيارة أهلها، فطلقها بعد أن فارقت البنيان.. فهي بالخيار: بين أن تمضي في سفرها، وبين أن تعود، على ما مضى.
واختلف أصحابنا في تأويل كلام الشافعي:
فقال أبو إسحاق: تأويله: إذا أذن لها في السفر لنزهة، أو زيارة إلى البلد، أو إلى مسافة لا تقصر إليها الصلاة من البلد، ثم طلقها.. فعليها أن ترجع إلى البلد؛ لأنها في حكم المقيمة، بدليل: أنها لا تترخص بشيء من رخص السفر، فهو كما لو طلقها قبل أن تفارق البنيان، بخلاف ما لو أذن لها في السفر كذلك إلى بلد تقصر إليها الصلاة؛ لأن عليها مشقة في العود بعد الخروج عن البلد.
وقال الشيخ أبو حامد: هذا التأويل غير صحيح، والتأويل عندي: أنها لا تقيم بعد الثلاث، وأما الثلاث: فلها أن تقيم فيها، وإنما قصد الشافعي بهذا: أن يفرق بين السفر للنزهة وللزيارة، وبين السفر للإقامة، والإقامة مدة.
[مسألة أذن لها بالإحرام ثم طلقها]
وإذا أذن الرجل لزوجته أن تحرم بالحج أو العمرة، فأحرمت، ثم طلقها وهي محرمة، قال الشيخ أبو حامد: فإن كان الوقت ضيقا، بحيث إذا أقامت حتى تنقضي العدة، فاتها الحج.. لزمها أن تمضي على حجها، وإن كان الوقت واسعا.. فهي بالخيار: إن شاءت.. مضت في الحج، وإن شاءت.. أقامت حتى تنقضي العدة.
وذكر الشيخ أبو إسحاق: إذا لم تخش فوات الحج إذا قعدت للعدة.. لزمها أن تقعد للعدة، ثم تحج.