فإذا قلنا بهذا: واستأجرها على إرضاعه بعوض، فأرضعته.. فهل تستحق أجرة المثل؟ فيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما: لا تستحق ذلك؛ لأنها لو استحقت أجرة في ذلك.. لجاز لها عقد الإجارة لذلك.
والثاني: تستحق أجرة المثل؛ لأن هذه منفعة لا يجب عليها بذلها، فإذا بذلتها بعوض ولم يحصل لها العوض.. وجب لها عوض المثل، كسائر منافعها.
[فرع أبان امرأته المرضعة]
وإن أبان الرجل امرأته وله منها ولد يرضع.. لم يملك إجبارها على إرضاعه؛ لأنه إذا لم يملك إجبارها على إرضاعه حال الزوجية.. لم يملك إجبارها بعد الزوجية.
فإن تطوعت بإرضاعه.. لم يجز للأب انتزاعه منها؛ لأنها لا حق له في استمتاعها.
وإن استأجرها على إرضاعه.. صح ذلك؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}[الطلاق: ٦][الطلاق: ٦] ولأنه لا يملك الاستمتاع بها، بخلاف ما لو استأجرها في حال الزوجية.
فإن طلبت منه أجرة المثل، ولا يجد الأب من ترضعه بغير أجرة ولا بدون أجرة المثل.. وجب عليه بذل ذلك لها، ولم يجز له انتزاعه منها؛ لأن الرضاع حق للولد، ولبن الأم أنفع له من لبن غيرها.
وإن طلبت منه أكثر من أجرة المثل، والأب يجد من يتطوع بإرضاعه بغير أجرة أو بأجرة المثل.. كان له انتزاعه منها؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}[الطلاق: ٦] . وإذا طلبت أكثر من أجرة المثل.. فقد تعاسرت.
وإن طلبت أجرة المثل، ووجد الأب من يرضعه بدون أجرة المثل أو من يرضعه بغير أجرة.. فقد اختلف أصحابنا فيه: