لا يجوز لأحد أن يتحمل الشهادة على شيء ولا يؤديها إلا بعد حصول العلم له بذلك؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦] الآية [الإسراء: ٣٦] . فحكي عن قتادة في تفسيرها أنه قال: لا تقل ما لم تسمع، وما لم تر، وما لم تعلم. وقَوْله تَعَالَى:{إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[الزخرف: ٨٦][الزخرف: ٨٦] ، فمدح من يشهد بما يعلم، فثبت أن العلم شرط. وقوله:{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}[الزخرف: ١٩][الزخرف: ١٩] ، وهذا وعيد يوجب التحفظ في الشهادة. وروي: «أن رجلا سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الشهادة فقال:" هل ترى الشمس؟ " قال: نعم، قال: " على مثلها فاشهد أو فدع» .
إذا ثبت هذا: فالأشياء التي يحصل من جهتها العلم بالشهادة ثلاثة أشياء:
أحدها: ما لا يحصل العلم به إلا بالمشاهدة.
والثاني: ما لا يحصل العلم به إلا بالمشاهدة والسماع.
والثالث: ما لا يحصل العلم به إلا بالسماع.
فأما (الذي لا يحصل العلم به إلا بالمشاهدة) فهي: الشهادة على الأفعال؛ مثل القتل والغصب وإتلاف المال والزنى والسرقة والولادة، فهذه الأشياء وما أشبهها إذا شاهدها إنسان.. يحصل له العلم بالمشهود عليه قطعا ويقينا، وجازت له الشهادة بذلك، ولا يجوز تحمل الشهادة عليها بالسماع من طريق الاستفاضة؛ لأنه يمكن مشاهدتها يقينا، فلا يجوز الرجوع فيها إلى الظن. ولا خلاف أن الرجل إذا وقع