الشهادة على الشهادة جائزة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢][الطلاق: ٢] ، ولم يفرق بين الإشهاد على أصل الحق أو على شهود الحق. ولأن الشهادة في الأصل إنما جوزت للحاجة إليها، وهو الاستيثاق بالحق؛ لأن من عليه الحق قد يموت أو يغيب أو يجحد، وكذلك شاهد الأصل قد يغيب أو يموت أو يمرض، فدعت الحاجة إلى الإشهاد عليه للتوثيق.
إذا ثبت هذا: فالحقوق على ضربين: حقوق الله، وحقوق الآدميين.
فأما (حقوق الآدميين) : فتقبل الشهادة على الشهادة في جميعها، كالمال والنكاح والطلاق والرجعة وحد القذف والقصاص وغير ذلك.
وقال أبو حنيفة:(لا تقبل الشهادة على الشهادة في القصاص، وتقبل في غيره من حقوق الآدميين) .
قال المسعودي [في " الإبانة "] : وهو قول مخرج لنا من الشهادة على الشهادة في حقوق الله تعالى، وليس بمشهور.
والدليل على أن الشهادة على الشهادة في هذا تقبل: لأنه حق آدمي فقبلت فيه الشهادة على الشهادة، كالمال. ولأن الشهادة على الشهادة إنما جوزت للاستيثاق وهذا المعنى موجود في القصاص وغيره من حقوق الآدميين.
وأما (حقوق الله تعالى) : فذكر الشيخ أبو إسحاق: أن الشهادة على الشهادة يقبل منها فيما لا يسقط بالشبهة. ولعله أراد الشهادة على هلال رمضان للصوم وهلال ذي الحجة للحج، والشهادة على الزكاة فيما يتعلق من الأحكام بالشهادة فيها.
وأما حقوق الله تعالى التي تسقط بالشبهة؛ وهي: حد الزنى وحد السرقة وحد قطع