وإن لم يدع الجهالة، أو ادعى ولكن هو ممن لا يخفى عليه ذلك، مثل: أن يكون مجالسا للعلماء، أو نشأ في دار الإسلام، فإن كان الإمام جائرا يأخذ أكثر من حقه، أو يضعها في غير موضعها.. لم يعزره؛ لأن غله بتأويل.
فإذا أخذ هذا الإمام الزكاة منه.. فاختلف أصحابنا فيه:
فذهب أكثرهم: إلى أنه تسقط عنه الزكاة، وقد نص الشافعي:(أن الخوارج إذا غلبوا وأخذوا الصدقات.. أجزت) .
وحكى الجويني عن بعض أصحابنا أنها لا تجزئه وذكر في " الفروع ": هل يسقط الفرض عنه فيما بينه وبين الله عز وجل؟ فيه وجهان:
أحدهما: يسقط؛ لأنه لم يزل المتغلبون ومن لا يستحق الإمامة يقبضون الصدقات، فيعتد بها.
و [الثاني] : قال: والمذهب: أنها لا تسقط عنه فيما بينه وبين الله في الباطن.
وإن كان الإمام عدلا يأخذ قدر الزكاة، ويضعها في مواضعها.. فإنه يأخذ الزكاة من المانع والغال ويعذره على ذلك، وبه قال أبو حنيفة.
وقال مالك، وأحمد:(تؤخذ من الزكاة وشطر ماله) . وهو قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في القديم. والصحيح هو الأول؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس في المال حق سوى الزكاة» . ولم يفرق بين أن يغلَّ أو لا يغلَّ.
[فرع: جواز توكيل الساعي من يقبض الزكاة]
] : فإذا بلغ الساعي إلى الموضع الذي قصده، فإن كان حول رب المال قد تم: قبض منه الزكاة ودعا له على ما مضى وإن كان لم يتم حوله: سأله هل يختار تعجيلها؟ فإن فعل قبض منه، وإن لم يفعل.. وكل الساعي ثقة يقبض منه الزكاة عند حولها ويفرقها في أهلها، وإن رأى أن يكتبها عليه دينا؛ ليأخذها مع زكاة العام القابل.. جاز؛ لما روي:(أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أخر الزكاة عن الناس عام الرمادة) .