والثاني - وهو قول ابن الحداد والقاضي أبي حامد -: أنه لا يجب عليه شيء، وهو الصحيح؛ لأن البينة قائمة على إباحة نفسه وسقوط ضمانه بالشهود الأربعة، فهو كما لو قتل رجل رجلا فقامت بينة على زنى المقتول وهو محصن.. فإنه لا يجب على قاتله شيء وكذلك هذا مثله.
فإن رجع اثنان من الخمسة وقالا: شهدنا بالزور عليه وتعمدنا بالشهادة عليه ليقتل، وتعمد أصحابنا الشهادة بالزور ليقتل.. وجب عليهما القود. وإن قالا: أخطأنا.. فعلى قول أبي إسحاق: تجب عليهما خمسا الدية، وعلى قول ابن الحداد: يجب عليهما ربع الدية بينهما نصفين؛ لأن البينة لم ينخرم إلا ربعها.
وإن شهد عليه ثمانية بالزنا وهو محصن فرجم، فرجع واحد منهم، أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة، وقالوا: قد تعمدنا الشهادة عليه بالزور ليقتل.. فلا خلاف: أنه لا يجب عليهم القود؛ لما مضى، وأما الدية: فتجب على قول أبي إسحاق: على كل واحد منهم ثمن الدية، وعلى قول ابن الحداد: لا يجب على الأربعة شيء.
وإن رجع خمسة منهم وقالوا: تعمدنا بالشهادة عليه بالزور ليقتل، وتعمد أصحابنا.. وجب عليهم القود. وإن قالوا: أخطأنا.. وجب عليهم ربع الدية بينهم أخماسا.
وإن رجع ستة.. وجب عليهم نصف الدية، وإن رجع سبعة.. وجب عليهم ثلاثة أرباع الدية، وإن رجعوا كلهم.. وجبت الدية عليهم على كل واحد منهم ثمنها.
[مسألة شهد أربعة على شخص بالزنى وشهد اثنان بإحصانه فرجم ثم رجع الشهود]
وإن شهد أربعة على رجل بالزنى، وشهد اثنان من غيرهم: أنه محصن، فرجم، ثم رجعوا كلهم، فقال شهود الزنا: أخطأنا وما كان زنى، وقال شاهدا الإحصان: أخطأنا ما كان وطئ في نكاح صحيح.. فهل يجب الضمان على شاهدي الإحصان؟ فيه ثلاثة أوجه: