قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (فإذا صدمت سفينة من غير أن يتعمد بها الصدم.. لم يضمن شيئاً مما في سفينته بحال) . واختلف أصحابنا في صورتها:
فمنهم من قال: صورتها: أن يكون القيم قد عدل سفينته إلى الشط، وربطها، وطرح الأنجر، فجاءت سفينة أخرى فصدمتها، فتلفت وما فيها، فلا ضمان عليه؛ لأنه لا فعل له يلزمه به الضمان.
وهذا القائل يقول قول الشافعي:(صدمت سفينة) إنما هو بضم الصاد: فعل ما لم يسم فاعله.
ومنهم من قال: صورتها: إذا لم يكن منه تفريط. وأجاب بأحد القولين، وهو الأصح؛ لأنه قال: صدمت سفينة من غير أن يتعمد بها الصدم، ولا يقال ذلك للمصدوم، وإنما يقال مثله للصادم.
[مسألة ثقلت السفينة فألقوا المتاع]
إذا كان قوم في سفينة وفيها متاع، فثقلت السفينة من المتاع، ونزلت في الماء، وخافوا الغرق، فإن ألقى بعضهم متاعه في البحر في الماء لتخف السفينة ويسلموا.. لم يرجع به على أحد؛ لأنه أتلف ماله باختياره من غير أن يضمن له غيره عوضاً، فهو كما لو أعتق عبده.
وإن طرح مالاً لغيره بغير إذنه لتخف السفينة.. وجب عليه ضمانه؛ لأنه أتلف مال غيره بغير إذنه، فوجب عليه ضمانه كما لو حرق ثوبه.
وإن قال لغيره: ألق متاعك في البحر، ولم يضمن له عوضاً، فألقاه.. فقد قال المسعودي [في " الإبانة "] : هل يجب على الذي أمره بالإلقاء ضمانه؟ فيه وجهان،