للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] [الأنفال: ٥٨] .

قال ابن الصبَّاغ: ولا يكفي أن يقع في نفس الإمام خوف منهم حتى يكون ذلك عن دلالة. قال الشيخُ أبُو إسحاق: ولا تنتقض الهدنة هاهنا إلا بحكم الإمام بنقضها؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} [الأنفال: ٥٨] .

فإن خاف الإمام من أهل الذمة الخيانة.. لم ينبذ إليهم عهدهم؛ لأن عقد الذمة معاوضة يقتضي التأبيد، فلم ينتقض بخوف الخيانة، وعقد الهدنة مؤقت ويقتضي الكف عن القتال، فإذا خيف منهم الخيانة.. جاز نقضه.

[مسألة: دخول الحربي دار الإسلام بأمان يشمل النفس والمال والولد]

إذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان.. فإن الأمان ينعقد له ولماله وأولاده الصغار؛ لأن الأمان يقتضي الكف عن ذلك. فإن عقد الأمان لنفسه وماله وأولاده الصغار.. كان ذلك تأكيدا.

فإن رجع إلى دار الحرب وترك ماله في دار الإسلام، فإن رجع إليها بإذن الإمام لشغل له ثم يعود له أو برسالة من الإمام.. فإن الأمان يكون باقيا لنفسه وماله، كالذمي إذا رجع إلى دار الحرب تاجرا. وإن رجع إلى دار الحرب ليستوطنها.. انتقض أمانه في حق نفسه، ولم ينتقض في ماله وأولاده الصغار الذين في دار الإسلام؛ لأن الأمان قد ثبت في حق الجميع، فإذا انتقض في حق نفسه.. لم ينتقض في ماله وأولاده الصغار، كأم الولد إذا بطل حقها بموتها.. لم يبطل حق ولدها.

وأمَّا ولده الصغير: فإنه ما لم يبلغ.. فهو في أمان، فإن بلغ.. قيل له: قد كنت في أمان تبعا لغيرك، والآن فقد زال تبعك لغيرك، فإما أن تسلم وإمَّا أن تعقد

<<  <  ج: ص:  >  >>