إذا وجب له القصاص في اليمين، فقال المقتص للجاني: أخرج يمينك لأقطعها، فأخرج الجاني يساره، فقطعها المقتص.. نظرت في الجاني:
فإن قال: تعمدت إخراج اليسار، وعلمت أن قطعها لا يجزئ عن اليمين.. فلا قود على المقتص ولا دية، سواء علم المقتص أنها اليسار أو لم يعلم؛ لأنه قطعها ببذل صاحبها، فهو كما لو قال: اقطع يدي، فقطعها، غير أن المقتص إن كان عالماً أنها اليسار.. عزر؛ لأنه فعل فعلاً محرماً، وإن لم يعلم.. لم يعزر، وسواء أذن الجاني في قطعها بالقول أو قال له المقتص: أخرج يمينك لأقطعها، فأخرج يساره وهو ساكت ومدها، فقطعها المقتص؛ لأنه بذلها له بإخراجها إليه لا على سبيل العوض، والفعل في ذلك يقوم مقام النطق، كما لو دفع رجل إلى رجل صرة، وقال: ارمها في البحر، فأخذها ورماها.. فلا ضمان عليه. وكذلك: لو قال: ادفع إلى صرتك لأرميها في البحر، فدفعها إليه وهو ساكت، فرماها.. فلا ضمان عليه. وكما لو قدم إليه طعاماً، وقال: كله، فهو كما لو استدعى منه الطعام، وقدمه إليه، وأكله.
فإن مات المقطوعة يساره من قطعها.. فلا قود على المقتص. قال ابن الصباغ: ولا يجب عليه دية النفس. وهل تجب الكفارة على المقطوعة يساره؟
قال المسعودي [في " الإبانة "] : فيه وجهان، بناءً على الوجهين فيمن قتل نفسه.
وطريقة أصحابنا البغداديين: أن من قتل نفسه.. وجب عليه الكفارة، وجهاً واحداً.
فعلى هذا: يجب عليه الكفارة هاهنا.
وإن قال المقتص منه: وقع في سمعي أنه قال: أخرج يسارك، فأخرجتها، أو سمعت أنه قال: أخرج اليمين، ولكن دهشت، فأخرجت اليسار، وظننتها اليمين، أو قال: أخرجت اليسار عامداً، ولكن ظننت أن قطعها يجزئ عن اليمين.. نظرت في المقتص: