واستخلف يهودياً في بيته يخدم امرأته، فلما كان في بعض الليالي.. خرج رجل من المسلمين في سحر، فسمع اليهودي يقول:
وأشعث غره الإسلام مني ... خلوت بعرسه ليل التمام
أبيت على ترائبها ويمسي ... على جرداء لاحقة الحزام
كأن مواضع الربلات منها ... فئام ينهضون إلى فئام
فدخل عليه الرجل، فقتله، فأخبر بذلك عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فأهدر دم اليهودي) . وهذا يدل على: أن اليهودي كان محصناً. ولأنه قتل مباح الدم، فهو كالمرتد.
فعلى هذا: لا تجب عليه الدية؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أهدر دم اليهودي، وإنما يجب بقتله الدية. ولأنا قد قلنا: هو كالمرتد، والمرتد لا تجب على قاتله الدية، فكذلك هذا مثله.
و (الربلات) : لحم العضدين والفخذين وما أشبههما.
و (الفئام) : الجماعة من الناس.
[مسألة لا يقتل أصل بفرع]
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (ولا يقتل والد بولده؛ لأنه إجماع، ولا جد من قبل أم ولا أب) .
وجملة ذلك: أن الأب إذا قتل ولده.. لم يجب عليه القصاص. وبه قال عمر، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - في الصحابة، ومن الفقهاء: ربيعة، والأوزاعي، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق.
وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (إن رماه بالسيف، فقتله.. لم يقد به؛ لأنه قد يريد بذلك التأديب، وإن أضجعه وذبحه.. قتل به) .