وأما القولان الآخران: فاختلف أصحابنا فيهما:
فقال الشيخ أبو إسحاق: يريقهما، أو يصب أحدهما في الآخر، ثم يتيمم.
وقال ابن الصباغ: يوقفان، فيدعهما، ويتيمم، ويصلي ويعيد.
وقال صاحب " المذهب ": هل يقرع بينهما، على قول القرعة؟ فيه وجهان. ولا فرق بين أن يستوي المخبرون في الإناءين، أو يكون في أحد الإناءين واحد، وفي الآخر أكثر، فالكل واحد.
وإن قال رجل: إن هذا الكلب ولغ في هذا الإناء في وقت بعينه، وقال آخر: هذا الكلب كان في ذلك الوقت في مكان آخر.. ففيه وجهان، حكاهما الشاشي:
أحدهما: أنه طاهر؛ لتعارض الخبرين.
والثاني: أنه نجس؛ لأن الكلاب تشتبه.
وإن قال: أدخل الكلب رأسه في الإناء، ولم أعلم بولوغه.. لم يحكم بنجاسته؛ لأن الأصل عدم الولوغ.
وإن قال: أدخل رأسه، وأخرجه وعلى فيه رطوبة، ولم أعلم بولوغه.. فهل يحكم بنجاسته؟.. فيه وجهان:
أحدهما: لا يحكم بنجاسته؛ لأن الأصل عدم الولوغ.
والثاني: يحكم بنجاسته؛ لأن الظاهر: أنه ولغ فيه لخروج الرطوبة التي على فيه.
[مسألة: اشتباه الطاهر بالنجس]
] : وإن اشتبه عليه الماء الطاهر بالماء النجس، أو اشتبه الثوب الطاهر بالثوب النجس.. جاز له التحري في ذلك، ولا فرق بين أن يكون عدد الطاهر أكثر، أو النجس أكثر، أو كانوا سواء.
وقال المزني، وأبو ثور: (لا يتحرى في الماء ولا في الثياب) .