الآخر فاتهم الحج أو لم يفتهم؛ لأن علة جواز التحلل الحصر، لا خوف الفوات، ألا ترى أن من أحرم بالحج في يوم عرفة بالجند يعلم أنه لا يمكنه الوقوف بعرفة؟ ومع هذا فلا يجوز له التحلل لأجله. فإن سلك الطريق البعيد فأدرك الحج فلا كلام، وإن فاته الحج تحلل بعمل عمرة، وهل يلزمه القضاء؟ فيه قولان:
أحدهما: عليه القضاء؛ لأنه فاته الحج فلزمه القضاء، كما لو فاته بالنسيان، أو أخطأ الطريق، أو أخطأ العدد.
والثاني: لا يلزمه القضاء؛ لأنه غير مفرط في الفوات، فهو كما لو تحلل بالحصر قبل الفوات.
[مسألة الصد عن الحج وأحكام الصادين]
] : فإن كان العدو الذي صدهم مسلمين فالأولى أن لا يقاتلوهم، وسواء كان الحاج أقوى أو الصاد لهم؛ لأن التحلل أهون من قتال المسلمين وجرحهم، فإن بذلوا لهم تخلية الطريق بجعل لم يجب عليهم بذل الجعل، وجاز لهم التحلل، سواء كان ما سألوه قليلا أو كثيرا؛ لأنا لو أوجبنا دفع القليل لأوجبنا دفع الكثير إذا كان سببهما واحدا. فإن بذلوا لهم الجعل جاز ولم يكره؛ لأنه لا صغار على المسلمين.
وإن كان العدو الذي صدهم مشركين فذكر المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٢١١] : إن كان بإزاء كل مسلم مشركان أو أقل لم يجز لهم التحلل، وإن كانوا أكثر جاز لهم التحلل.
وقال البغداديون من أصحابنا: لا يجب عليهم قتالهم بحال؛ لأن قتال المشركين