إذا ثبت هذا: فحلف: لا يساكنه، وهما في بيتين في حجرة، قال الشافعي:(فجعل بينهما جدار، ولكل واحدة من الحجرتين باب.. فليست هذه بمساكنة) .
قال أصحابنا البغداديون: ظاهر هذا الكلام أنهما إذا أقاما في بيتهما، وجعل بينهما جدار، ولكل واحد من الحجرتين باب.. لم يحنث. وليس هذا على ظاهره، وإنما أراد بذلك: إذا انتقل أحدهما في الحال، وعاد لبناء الجدار والباب، فأما إذا أقاما مع إمكان الانتقال لبناء الجدار والباب.. حنث الحالف.
قال المسعودي [في " الإبانة "] : إذا اشتغلا ببناء الجدار فيما بينهما عقيب اليمين.. فهل يحنث الحالف؟ فيه وجهان:
أحدهما: يحنث؛ لأن البناء يحتاج إلى مدة طويلة، ولم تجر العادة به.
والثاني: لا يحنث؛ لأنه اشتغل بسبب الفرقة.
[فرع: حلف لا يفعل أمرا وهو متلبس به]
وإن حلف: لا يلبس ثوبا، وهو لابسه، أو لا يركب دابة، وهو راكبها، فإن نزع الثوب، أو نزل عن الدابة أول حال إمكانه.. لم يحنث، وإن استدام ذلك مع إمكان تركه.. حنث؛ لأن استدامة اللبس والركوب تسمى: لبسا وركوبا؛ ولهذا يقال: لبست الثوب شهرا، وركبت الدابة شهرا.
وإن قال: والله لا تزوجت، وهو متزوج، فاستدام، أو لا تطهرت، وهو متطهر، فاستدام.. لم يحنث؛ لأن استدامة ذلك لا يجري مجرى ابتدائه؛ ولهذا: لا يقال: تزوجت شهرا، وتطهرت شهرا، وإنما يقال: تزوجت من شهر، وتطهرت من شهر، فإن عقد النكاح، أو ابتدأ الطهارة.. حنث.
وإن قال: والله لا تطيبت، وهو متطيب، فاستدام.. ففيه وجهان:
أحدهما: يحنث؛ لأن اسم التطيب يقع على الاستدامة، ألا ترى أنه يقال: تطيبت شهرا، كما يقال: لبست شهرا؟