وإن تبايعا صبرة طعام بصبرة طعام، وهما لا يعلمان كليهما.. لم يصح البيع؛ لما روى:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الصبرة من الطعام بالصبرة من الطعام» . ولأنهما مجهولتان عندهما حال العقد.
قال المسعودي [في " الإبانة "[ق\٢٢٥] : وإن باع صاع حنطة في ذمته، بصاع حنطة في ذمته، فإن كان في البلد أجناس من الحنطة.. لم يصح البيع؛ لأن المعقود عليه مجهول. وإن كان في البلد جنس واحد من الحنطة.. ففيه وجهان:
أحدهما ـ قال: وهو الأقيس ـ: إن الإطلاق ينصرف إلى ذلك الجنس، ويشترط فيه التقابض قبل التفرق، كما قلنا في النقد.
ومثل هذا حكى الشيخ أبو حامد، عن أبي إسحاق: إذا كان في بلد يصنع أهلها جنسًا من الثياب لا يخلطها غيرها، والبيع والشراء بها، فاشترى منه ثوبًا في ذمته مطلقًا.. فإن الإطلاق ينصرف إلى ذلك الجنس.
والوجه الثاني: لا يصح؛ لأن الحنطة تختلف أنواعها، بخلاف النقد.
وإن قال: بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة مثلا بمثل، أو كيلا بكيل، أو قفيزًا بقفيز، وهما جنس واحد، فإن كيلتا قبل التفرق، فخرجتا متساويتين.. صحَّ البيع؛ لأن التساوي كان موجودًا حال العقد. وإن خرجتا متفاضلتين.. ففيه قولان:
أحدهما: أن البيع باطل، وهو اختيار الشافعي؛ لأنه بيع جنس مطعوم بجنسه متفاضلاً.
والثاني: يصح البيع في القدر الذي تساويا فيه: لأنهما قد شرطا التساوي.
فعلى هذا: يكون الذي نقصت صبرته التي باع بالخيار: بين أن يفسخ البيع؛ لأنه دخل في البيع ليأخذ هذه الصبرة بهذه، وبين أن يقر البيع، ويأخذ بإزاء صبرته الناقصة من صبرة الآخر.
وإن تقابضا الصبرتين جزافًا، ثم تفرقا.. ففيه وجهان، حكاهما في " الإبانة "[ق\٢٣١] :