ولأن كل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس.. جرى القصاص بينهما فيما دون النفس، كالحرين المسلمين.
[مسألة اشتراك جماعة في إبانة عضو]
وإن اشترك جماعة في إبانة عضو، أو جراحة يثبت بها القصاص، ولم يتميز فعل بعضهم عن بعض، مثل: أن أجرى جماعة سيفاً في أيديهم على يد رجل أو رجله، فقطعوها، أو على رأسه، فأوضحوه.. قطعت يد كل واحد منهم، وأوضح كل واحد منهم، وبه قال ربيعة، ومالك، وأحمد.
وقال الثوري، وأبو حنيفة:(لا يقتص منهم، بل ينتقل حق المجني عليه إلى الدية) .
دليلنا: ما روي: أن رجلين شهدا عند علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على رجل بالسرقة، فقطع يده، ثم أتياه برجل آخر، وقالا: هذا الذي سرق وأخطأنا في ذلك.. فلم يقبل شهادتهما على الثاني، وغرمهما دية يد، وقال:(لو أعلم أنكما تعمدتما.. لقطعت أيديكما) . وروي:(لقطعتكما) . ولا مخالف له في الصحابة.
ولأن كل جناية وجب بها القصاص على الواحد.. وجب بها القصاص على الجماعة، كالنفس.
وإن قطع أحدهما بعض العضو وأبانه الثاني، أو وضع أحدهما السكين على المفصل، ووضع الآخر عليه السكين من الجانب الآخر، ثم قطعاه وأباناه.. لم يجب على أحدهما قصاص في إبانة العضو؛ لأن جناية كل واحد منهما وقعت متميزة في بعض العضو، فلا يقتص منه في جميعه.