ولا يجوز أن يكون المراد بالآية ها هنا: ما تستطيبه النفس، ولا الحلال؛ لأن التراب لا يوصف بذلك، فثبت أنه أراد به الطاهر. ولأنه طهارةٌ، فلا تصح بنجس، كالوضوء.
ولا فرق بين أن يكون التراب الذي خالطته النجاسة قليلاً أو كثيرًا، بخلاف الماء؛ لأن للماء قوة تدفع النجاسة عن نفسه.
وإن خالط التراب ذريرةٌ أو نورةٌ أو دقيقٌ، فإن استهلك التراب في هذه الأشياء، وغلبت عليه.. لم يجز التيمّم به بلا خلاف على المذهب. وإن استهلكت هذه الأشياء في التراب، وغلب عليها.. ففيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو إسحاق: يجوز التيمّم به، كما تجوز الطهارة بالماء الذي خالطه مائعٌ واستهلك المائع فيه.
والثاني: لا يجوز، وهو المذهب؛ لأن المخالط للتراب يمنع من وصول التراب إلى العضو، والمخالط للماء لا يمنع من وصول الماء إلى العضو؛ لأن الماء يجري بطبعه.
[فرع: تيمّم الجماعة في مكان وصورٌ أخرى]
] : ويجوز أن يتيمّم الجماعة من موضعٍ واحد، كما يجوز أن يتوضأ الجماعة من ماء في إناءٍ واحدٍ.
وإن ضرب يديه على بدنه، أو ثيابه، أو آذانه، أو رأسه، أو ظهره، فعلق بهما غبارٌ، فتيمّم به.. صحّ.
وقال أبو يوسف: لا يصحّ.
دليلنا: أنه يقع عليه اسم التراب، وهو طاهرٌ غير مستعمل، فصحٌ تيمّمه به، كما لو أخذه من الأرض.