وإذا وجب أن يستبرئ الأمة.. فلا يخلو: إما أن تكون حاملا، أو حائلا.
فإن كانت حاملا.. لم يحصل الاستبراء إلا بوضع الولد؛ لحديث أبي سعيد.
وإن كانت حائلا.. فلا تخلو: إما أن تكون ممن تحيض، أو ممن لا تحيض.
فإن كانت ممن يحيض.. وجب استبراؤها بقرء، وفي القرء قولان، ومن أصحابنا من يحكيهما وجهين:
أحدهما: أنه طهر؛ لأنه استبراء بقرء، فكان القرء هو الطهر، كما قلنا في العدة.
والثاني: أن القرء هو الحيض، وهو الأصح؛ لقوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ولا حائل حتى تحيض حيضة» ، ولأن القرء يراد لمعرفة براءة الرحم، فإذا لم يكن بد من أحدهما.. كان بالحيض أولى؛ لأنه أدل على براءة الرحم، ويخالف الأقراء في العدة، فإنها تتكرر، ويتخللها الحيض.
فإذا قلنا: إن القرء هو الطهر.. فلا يخلو: إما أن تكون حال وجوب الاستبراء طاهرا، أو حائضا.
فإن كانت طاهرا.. فإنها تعتد ببقية الطهر قرءا، فإذا طعنت في الحيض.. فقد حصل القرء، إلا أنها لا يحل وطؤها، ولا تخرج من حكم الاستبراء حتى تطهر من الحيض، لتكون مضاهية للمعتدة، بأن يمر عليها الطهر المحسوب قرءا وحيضة على وجه التبع، فيعلم بذلك براءة رحمها.
وإن كانت حال وجوب الاستبراء حائضا.. فإنها لا تعتد ببقية الحيض قرءا؛ لأن القرء الطهر، فإذا طهرت.. فقد طعنت في القرء، فإذا رأت الدم بعد الطهر.. فقد خرجت من الاستبراء؛ لأن في هذا الموضع قد تكرر رؤية الدم، فقويت المعرفة ببراءة رحمها، بخلاف الأولى، فإن رؤية الدم لم تتكرر.