وقال المرتهن: بل قبضت.. فقد قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في موضع:(القول قول الراهن) . وقال في موضع:(القول قول المرتهن) .
قال أصحابنا: ليست على قولين، وإنما هي على اختلاف حالين، فإن كانت العين في يد الراهن.. فالقول قول الراهن؛ لأن الأصل عدم القبض.
والذي يقتضي المذهب عندي: أنه يحلف أنه ما يعلم أنه قبض؛ لأنه يحلف على نفي فعل غيره. وإن كانت العين في يد المرتهن.. حلف: إنه قبض؛ لأن الظاهر أنه قبض بحق.
[فرع: رجوع الراهن عن إقباض العين للمرتهن]
وإن أقر أنه رهن عند غيره عينا، وأقبضه إياها، ثم قال الراهن للمرتهن: لم تكن قبضتها، وأراد منعه من القبض.. لم يقبل رجوعه عن إقراره بالقبض؛ لأن إقراره لازم. فإن قال الراهن للمرتهن: احلف: أنك قبضتها.. قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (أحلفته) . واختلف أصحابنا فيه:
فقال أبو إسحاق: إن كان المرهون غائبا، فقال: أقررت بالقبض؛ لأن وكيلي أخبرني: أنه أقبضه، ثم بان لي أنه لم يقبضه.. أحلف المرتهن؛ لأنه لا يكذب نفسه، وإنما يدعي أمرا محتملا. فأما إذا كان الرهن حاضرا، وأقر أنه أقبضه بنفسه، ثم رجع، وقال: لم يقبض.. لم تسمع منه دعواه، ولم يحلف المرتهن؛ لأنه يكذب نفسه.
وقال أبو علي بن خيران، وعامة أصحابنا: يحلف المرتهن بكل حال، وهو ظاهر النص. أما مع غيبة الرهن: فلما ذكر الشيخ أبو إسحاق. وأما مع حضوره: فلأنه قد يستنيب غيره بالإقباض، فيخبره: بأن المرتهن قد قبض، ثم تبين له أنه قد خان في إخباره، وأيضا فإنه قد يعده بالإقباض، فيقر له به قبل فعله، فكانت دعواه محتملة.
قالوا: وهكذا: لو أن رجلا أقر: بأنه اقترض من رجل ألفا، ثم قال بعد ذلك: لم