فإذا قلنا هناك: لا يجب القود.. فهاهنا أولى. وإن قلنا هناك: يجب القود.. فهاهنا قولان. وكل موضع قلنا: لا يجب فيه القود.. فإن الدية تثبت.
وإن أقام في الردة زمانا تسري فيه الجناية.. فإن القود لا يجب قولا واحدا، وهل تجب الدية أو نصفها؟ فيه قولان، مضى ذكرهما في (الجنايات) .
فإن قلنا: تجب فيه جميع الدية.. كان ذلك لورثته.
[مسألة كون المقتول مسلما أو عبدا وله ولي ولم يقسم حتى ارتد]
إذا قتل مسلم وله ولي، فلم يقسم الولي حتى ارتد.. فالأولى أن لا يعرض عليه الحاكم القسامة؛ لأنه لا يتورع مع ردته عن الأيمان الفاجرة، فإن حلفه في حال ردته.. صحت القسامة. وقال المزني: لا تصح أيمانه؛ لأنه كافر فلم تصح يمينه. وهذا خطأ؛ لأن الكافر تصح يمينه، فإذا أقسم.. وجب القود على المدعى عليه على القول القديم، والدية على القول الجديد، ويكون ذلك موقوفا، فإن رجع إلى الإسلام.. استحقه، وإن مات أو قتل على الردة.. كان ذلك للمسلمين واستوفاه لهم الإمام.
وحكي عن أبي حفص بن الوكيل وأبي علي بن خيران أنهما قالا: إنما تجب الدية بأيمانه على القول الذي يقول: لا يزول ملكه بالردة، أو قلنا: إنه موقوف فرجع إلى الإسلام. فأما على القول الذي يقول: إن ملكه يزول بالردة.. فإنه لا يحلف ولا تجب الدية بأيمانه. وهذا خطأ؛ لأن اكتسابه للمال يصح في حال ردته على الأقوال كلها، وهذا من جملة الاكتساب. وإن كان مرتدا عند قتل وليه.. فإنه لا يقسم.
وكذلك: إذا أسلم بعد موت المقتول.. فإنه لا يقسم؛ لأنه ليس بوارث له.
فإن كان المقتول عبدا، فارتد سيده.. فإن الأولى أن لا يعرض الحاكم عليه الأيمان؛ لما مضى. فإن استحلفه في حال ردته.. ثبتت القيمة وكانت موقوفة، سواء ارتد بعد موت العبد أو قبله؛ لأنه يستحق القيمة بالملك لا بالإرث.