والثالث: أنهما سواء لأن التيمم بدل عن غسل كل واحد منهما، فاستويا.
وإن اجتمع جنب ومحدث وهناك ماء فإن كان يكفي المحدث، ولا يكفي الجنب ... فالمحدث أولى؛ لأنه يرفع حدثه، ويسقط به فرضه، والجنب لا يرفع حدثه، ولا يسقط به عنه فرضه على قول بعض الناس.
وإن كان الماء يكفي الجنب، ويفضل عنه ما يغسل به المحدث بعض أعضائه، ويكفي المحدث ويفضل عنه ما لا يكفي الجنب ... فالجنب أولى؛ لأن حدث الجنب أغلظ؛ لأنه لا يقدر على اللبث في المسجد، ولا على قراءة القرآن.
وإن كان الماء يكفي الجنب، ولا يفضل عنه شيء، ويكفي المحدث، ويفضل عنه ما يغسل به الجنب بعض أعضائه ... ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الجنب أولى؛ لما ذكرناه في المسألة قبلها من أن حدثه أغلظ.
والثاني: أن المحدث أولى؛ لأن فيه تشريكًا بينهما.
والثالث: أنهما سواء؛ لأنه يرتفع به حدث كل واحد منهما.
وإن كان على بدنه نجاسة، وهو محدث ومعه من الماء ما يكفي أحدهما ... فإنه يغسل النجاسة بالماء، ويتيمم للحدث؛ لأنا قد بينا: أن التيمم لا يصح عن إزالة النجاسة، ولا بدل لها، والتيمم ينوب عن الحدث، فوجب استعمال الماء فيما لا يقوم غيره مقامه.
[مسألة: فاقد الطهورين]
وإن عدم الماء والتراب، بأن حبس في موضع لا يجدهما، أو لم يجد إلا ترابًا نجسًا ... فالمشهور من المذهب: أنه يجب عليه أن يصلي على حسب حاله. وبه قال الليث، وأبو يوسف، ومحمد، وأحمد.