وإن أراد الجد أن يزوج ابن ابنه الصغير بابنة ابن له آخر.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يصح، وهو اختيار ابن القاص، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل نكاح لم يحضره أربعة.. فهو سفاح: خاطب وولي وشاهدان» .
والثاني: يصح، وهو اختيار ابن الحداد والقاضي أبي الطيب، لأنه يملك طرفي العقد بغير تولية، فجاز أن يتولاه هاهنا، كبيع مال الصغير من نفسه. وأما الخبر.. فمحمول على أنه إذا كان الولي غير الخاطب.
فعلى هذا: لا تصح الولاية إلا بثلاثة شروط:
أحدها: إذا كان أبواهما ميتين، أو فاسقين، أو أحدهما ميتا والآخر فاسقا، لأنه لا ولاية للجد الرشيد عليهما مع ثبوت ولاية الأبوين عليهما.
الشرط الثاني: أن يكون ابن الابن صغيرا أو مجنونا.
الشرط الثالث: أن تكون الابنة بكرا، فأما إذا كانت ثيبا، فلا يملك تزويجها بحال إلا بإذنها.
وقد اشترط ابن الحداد أن يكون صغيرة. وليس بصحيح، لأن الجد يملك إجبارها على النكاح إذا كانت بكرا بكل حال، إلا أن تكون الابنة مجنونة.. فيملك الجد إجبارها على النكاح بكل حال.
إذا ثبت هذا: فإن الجد يقول: زوجت فلانة بفلان، أو فلانا بفلانة. وهل يفتقر إلى لفظ القبول، وهو: أن يقول: وقبلت نكاح فلانة لفلان؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : من أصحابنا من قال: لا يفتقر إلى ذلك، لأن الإيجاب يتضمن القبول، فلم يفتقر إليه، كما لو قال: زوجني بنتك، فقال: زوجتك.. لا يحتاج أن يقول: قبلت. ولأنه لما قام شخص واحد مقام شخصين.. قام لفظ واحد مقام لفظين.