وإن قضى الراهن الدين من غير الرهن، أو أبرأه المرتهن، أو بيع في الدين، ثم رجع إلى الراهن ببيع، أو هبة، أو إرث.. فهل ينفذ عتقه الأول؟ فيه وجهان:
أحدهما: ينفذ، وبه قال مالك رحمة الله عليه، لأنا إنما لم نحكم بصحته؛ لحق المرتهن، وقد زال حق المرتهن، فوجب أن يحكم بصحته، كالإحبال.
والثاني وهو المذهب: أنه لا ينفذ؛ لأنه عتق لم يصح حال الإعتاق، فلم يصح فيما بعد، كالمحجور عليه إذا أعتق عبده، ثم فك عنه الحجر، ويخالف الإحبال فإنه أقوى، ولهذا نفذ إحبال المجنون، ولم ينفذ عتقه.
وإذا قلنا: ينفذ إعتاق الموسر، ولا ينفذ إعتاق المعسر.. فوجهه: أنه عتق في ملكه يبطل به حق الغير، فاختلف فيه الموسر والمعسر، كالعتق في العبد المشترك، ولأنه لا ضرر على المرتهن في إعتاق الموسر، فصح، وعليه ضرر في إعتاق المعسر، فلم يصح، كما قلنا في العبد المأذون له في التجارة، إذا كان في يده عبد، فأعتقه سيد المأذون، فإن كان لا يدن على المأذون له.. نفذ عتق السيد في العبد، وإن كان عليه دين.. لم ينفذ.
فعلى هذا: إن كان الراهن موسرا.. أخذت منه القيمة، وجعلت رهنا، وتعتبر القيمة وقت العتق. ومتى يعتق؟ الذي يقتضي المذهب: أنه على الأقوال الثلاثة في عتق نصيب الشريك. وإن كان المعتق معسرا.. فالرهن بحاله، فإن أيسر قبل محل الدين، أو قضى الدين عنه أجنبي، أو أبرأه المرتهن، أو بيع العبد في الدين، ثم رجع إلى الراهن ببيع، أو هبة، أو إرث.. فهل يعتق عليه بإعتاقه الأول؟ ينبغي أن يكون على الوجهين إذ قلنا: لا ينفذ عتقه بحال.
[مسألة: جواز رهن الجارية الموطوءة]
وإن كان له جارية، فوطئها، ثم رهنها.. صح الرهن؛ لأن الأصل عدم الحمل، فلم يمنع صحة الرهن. وهكذا: لو رهنها، ثم وطئها، ثم أقبضها عن الرهن.. صح الإقباض؛ لأن الرهن قبل القبض غير لازم، فهو كما لو وطئها، ثم رهنها. فإن ولدت بعد الإقباض.. نظرت: