إذا ثبت هذا: فالذي تبين لي أنه لا يسقط النذر إلا بالاعتكاف في الكعبة، أو فيما في الحجر من البيت، دون مسجد مكة، وقد مضى الدليل عليه في استقبال القبلة.
وإن نذر اعتكافاً في مسجد المدينة أو المسجد الأقصى، فأراد الاعتكاف عن هذا النذر في المسجد الحرام.. صح لأنه أفضل منهما وإن أراد الاعتكاف عن ذلك في غير ذلك من المساجد.. ففيه قولان:
أحدهما: يصح؛ لأنه مسجد لا يجب قصده بالنسك، فلم يتعين بالنذر، كسائر المساجد: المسجد.
والثاني: لا يصح، وهو قول أحمد؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تشد الرحال إلا ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى»
[مسألة: الاعتكاف بغير صيام]
] : والمستحب: أن يعتكف وهو صائم؛ لـ:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتكف العشر الأواخر من رمضان» فإن اعتكف بغير صوم، أو اعتكف بالليل، أو بالأيام التي لا يصح الصوم فيها.. صح اعتكافه، وبه قال في الصحابة علي، وابن مسعود، وفي التابعين الحسن، وفي الفقهاء أحمد، وإسحاق.