يفرق بين أن يحرم بإذن سيده أو بغير إذنه، ولأنها عبادة بدنية، فصحت منه بغير إذن سيده، كصلاة النافلة.
فإن إذن له السيد بالإحرام، ثم رجع.. نظرت: فإن رجع قبل أن يحرم العبد، وعلم العبد بذلك.. بطل الإذن، فإن أحرم بعد ذلك.. كان له أن يحلله؛ لأن إذنه الأول قد زال، فصار كما لو لم يأذن له. وإن لم يعلم العبد بالرجوع، حتى أحرم.. ففيه وجهان:
أحدهما: حكمه حكم ما لو أحرم بغير إذنه.
والثاني: حكمه حكم من أحرم بإذنه، بناء على القولين في الموكل إذا عزل الوكيل، فتصرف الوكيل بعد العزل وقبل العلم به.
وإن رجع السيد في الإذن بعد إحرام العبد.. لم يبطل إذنه، ولم يكن له تحليله.
وقال أبو حنيفة: (لا تلزمه الإقامة على الإذن، وله تحليله) .
دليلنا: أنه عقد لازم، عقده بإذن السيد، فلم يكن للسيد منعه منه، كالنكاح.
[فرع ارتكاب العبد لما يوجب الفدية]
وإن ارتكب العبد شيئا من محظورات الإحرام، مثل: أن تطيب أو لبس أو قتل صيدا. وجبت الفدية على العبد؛ لأنها وجبت بجنايته، ويجب الصوم عليه؛ لأنه لا يملك المال، وللسيد منعه من الصوم؛ لأنه وجب عليه بغير إذنه.
وإن ملكه السيد مالا، وأذن له أن يفتدي به، فإن قلنا: إنه لا يملك المال.. لم يكن له أن يفتدي به، وإن قلنا: إنه يملك المال , ... كان له أن يفتدي به.
وإن أذن له في التمتع أو القران، فإن قلنا: إن العبد لا يملك المال إذا ملكه السيد.. ففرضه الصوم، وليس للسيد منعه منه؛ لأنه وجب عليه بإذنه.
وإن قلنا: إنه يملكه إذا ملكه السيد.. فهل يلزم السيد أن يدفع إليه المال ليفتدي به؟ فيه قولان:
أحدهما: يلزمه؛ لأنه أذن له في سببه.