للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يجوز، وبه قال أبُو حَنِيفَة؛ لأنه إذا جاز تشييد ما تشعث منها.. جاز إعادة ما انهدم منها.

[مسألة: حماية أهل الذمة ممن يؤذيهم]

وإذا عقد الإمام الذمة لقوم من المشركين.. وجب عليه منع من قصدهم من المسلمين وأهل الحرب وأهل الذمة، سواء كانوا في بلد الإسلام أو بلد لهم منفردين بها، وسواء شرطوا عليه المنع في العقد أو أطلقوه؛ لأنهم إنما بذلوا الجزية لحفظهم وحفظ أموالهم، فلزم الإمام ذلك بمقتضى العقد. هذا نقل أصحابنا البغداديين.

وقال الخراسانيون: إن كانوا في بلد لهم منفردين.. فهل يجب على الإمام منع الكفار عنهم من غير أن يشرطوا عليه المنع؟ فيه وجهان:

أحدهما: يلزمه؛ لأن ذلك من مقتضى العقد.

والثاني: لا يلزمه؛ لأن الطائفتين كفار، ولا يضرون بالمسلمين ولا بدارهم.

وكل موضع قلنا: يلزمه المنع عنهم، فلم يمنع عنهم حتى مَضَى الحول.. لم تجب عليهم جزية ذلك الحول، وإن لم يمنع عنهم بعض الحول.. لم تجب عليهم جزية تلك المدة التي لم يمنع فيها؛ لأن الجزية عوض عن المنع ولم يوجد.

فإن أخذ المسلمون منهم مالا لهم بغير حق.. وجب على الإمام استرجاعه إن كان باقيا، أو استرجاع عوضه إن كان تالفا إلا الخمر؛ فإنها إذا تلفت.. فلا يجب عوضها؛ لأنه لا قيمة لها.

وإن أخذ أهل الحرب منهم مالا لهم وظفر به الإمام.. رده إليهم. فإن قتلوا منهم أو أتلفوا عليهم مالا.. لم يجب عليهم ضمان ذلك؛ لأنهم لم يلتزموا أحكام الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>