فإن كان دفعها وديعة، وكانت باقية في يد الثاني.. أخذها المالك.
وإن كان دفعها عن دين للثاني على المالك.. انتزعت من يد الثاني؛ لأن قول المودع غير مقبول على المالك، وله أن يقضي ما عليه من الدين من أي جهة شاء، وإن كانت تالفة.. فللمالك أن يضمن أيهما شاء؛ لأن كل واحد منهما قد وجد منه التعدي بها، وأيهما رجع عليه.. لم يكن للمرجوع عليه أن يرجع على الآخر بما ضمنه؛ لأنه رجوع على غير من ظلمه. وإن كان الثاني غائبا.. رجع المالك على الأول؛ لأنه لا يجد من يرجع عليه غيره، فإذا رجع الغائب، فإن كانت الوديعة باقية.. أخذها الأول، وردها على المالك، واسترجع ما دفع، وإن كانت تالفة.. فقد استقر عليه الضمان، فلا يرجع على الثاني بشيء؛ لأنه رجوع على غير من ظلمه.
[فرع: تصديق المودع البينة على الوديعة]
] : وإن ادعى عليه أنه أودعه، فقال: ما أودعتني، فأقام المدعي البينة بالإيداع، فقال المودع: صدقت البينة، أودعني، ولكنها تلفت من غير تفريط، أو رددتها.. لم يقبل قوله؛ لأنه صار خائنا، ضامنا، فإن أقام البينة على التلف، أو الرد.. ففيه وجهان:
أحدهما: يزول عنه الضمان، كما لو صدقه المدعي على ذلك.
الثاني: لا يزول عنه الضمان؛ لأنه كذب بينته بإنكاره الإيداع.
وإن قال عند الإنكار: ما لك عندي، أو لا تستحق علي شيئا.. صح الجواب، فإن أقام المدعي بينة على الإيداع، فقال المودع: صدقت البينة، لكنها تلفت، أو رددتها.. قبل قوله مع يمينه، وإن أقام البينة على ذلك.. سمعت، وجها واحدا. والفرق بينهما: أن قوله: ما لك عندي شيء، لا يكذب إنكاره ولا بينته؛ لأنها إذا تلفت بغير تفريط، أو ردها عليه.. فلا شيء له عليه.